ليس لي عثرة في طريقي ..
ولكني أتعثر ..
لي أمنيات وأحلام لئام ..
أحلم أن أنسى ..
وأظل وفياً لأحلامي ..
أحلم أني ما زلت على طاقة قلبي الأولى ..
وطلاقة أوهامي الأولى في ترتيب مشاريع الحب ..
أحلم أن سأظل وفياً لأحمي نفسي من أحلامي..
ولكني ضعيف الجسد .. مرهق الإرادة ..
أبغض الشهوات العادية .. وأسبابها المبذولة في أيدي السابلة..
مع أني أكتبها وأعيد كتابتها ..
لأني كسول وغبي.. وشديد النسيان ..
وأخطأ دائماً في تقدير الوقت .. على مقياس الماء .. والظل ..
أحلم .. أني أحلم ..
وبي عطش مؤلم للجمال ..
يتحايل عقلي بتبجيله .. وتذكر أوصافه ..
وانا أتعثر ..
أتعثر بنفسي .. بما أتخيل .. أو بما أحب ..
لا طريق يمشي أمام خطوي ..
ولا عُثار هنا .. أو هناك .. لأدعي أن الاتجاه يجري معي ..
لكن ظلي المراهق .. يظل يراوغني ..
فيصير يطاولني .. ويعلو فوق خطوي .. الثقيل ..
ومن غير أن أسمع بحة الظل خوفي ..
هكذا أمضي بدون توقف .. وبلا أي عطف..
مضي من ترك صباه .. نحو شيخوخة أحلامه ..
فيصعب أن يسند العظم حامله ..
حين تشتعل نار الحقيقة في حيرته ووجله..
قلت أعزي الحزين الذي فيَّ ..
لا تبتئس يا فتى ..
هذا التعب سيمضي .. كما مضت أوقات مسراتك .. وبؤسك الذي لم يعد ممكناً ..
لأني أعرف أن الزمان الذي كنت العنة في فتوتي قد قال كلمته ومضى ..
والحياة التي أبحث فيها الآن عن حياة .. لأطلب غفرانها ..
هزمت حاضري .. في غيابي ..
فلمَ انوح عليَّ ..
ولم أتكلف التطلع في فجر هذا .. ومغيب ذاك ..
سأقول لصاحب نفسي .. ولي ..
غلبتني حياتي التي خنتها في الطريق إليها..
الجمال الذي كنت أركض .. من خلفه في دروب الصبا ..
أتصيده بظنوني ... وقلبي .. وأسألتي .. وأثير خيالي ..
لكن كل هذا التكوين .. وكل هذه الممالك.. أصبحت عبئاً علي ..
فالجمال لم يعد ممكناً ..
الجمال لم يعد هيناً ..
الجمال الذي كنت أعبد ..
صار ثقيلاً على جسد الفتى ..
وعلى قلبه ..
وأنا في قرارة خوفي ..
أمد أصابع .. خوفي إليها ..
يا ذات الجمال العلي ..
يا ذات الجمال المقدس ..
يا ذات الجمال السخي .. العظيم .. والأليم..
تحنني على فتاك .. على حوارييك ومفتونك..
وأنا أتعثر بظلي ..
ظلي يطول وتحزنني عثرات غدي الكهل ..
يا جسدي الفتي لا تنعس الآن ..
يا جسدي الشيخ يا حيرتي الفتية..
يا أيها الزمن اللص لا تخذل الآن ضعفي ..
وتتركني .. وأنا ماضيك الخؤوف .. الحزين.. الضرير ..
تتركني في مهب ظلامي الأخير ..
أغازل حزني .. بالكلمة .. وأبخرة الذكريات..
وأعد خطى حنيني .. بأصابع خيباتي ..
أطاردها في عراء خريف عمري الكبير ..
الآن .. في مهب الظلام الأخير ..
قلت له أيها الفتى .. اثبت معي ..
يا صبي .. داوني من أحابيل نفسي الضعيفة..
يا ذا الولد ..
قوني .. وتقو بي ..
داوني بطفولتي .. واشفني من كوابيس روحي المريضة ..
وقلبي الذي في الطريق إلى نبعه .. الأول ..
ضيع الدرب .. والنبع ..
أيها الفتى .. يا ذا الصبي ..
خذني .. وانضوا عني ثوب كهولتي..
ومزق قميص خطاياي ..
امض بي عاليا ً وبعيداً .. واغفر لي حزني ..
لأجل الجمال .. اليتيم ..
الجمال الذي كان يلهم يأسنا وقصائدنا المترفة ..
الجمال الذي صاغ فطنة أرواحنا المرهفة ..
وتفنن في غزل أحلامنا .. وارتجال تقاليدنا في عبادته ..
أيها الفتى .. يا ذا الصبي ..
يا ذا الغريب المتعب .. الممدد بجوار عمرك.. القصير ..
امضِ بي ..
وابقني حياً ..
امض في .. ومني .. وبي ..
امض منك .. إلي ..
أنا شريك زمانك .. المبارك ..
وجنتي قربك ..
امض بي للنبع الروي ..
امضِ من أجلنا .. نحن أصدقاء طفولتنا الأوفياء ..
من أجل الحياة التي علمتني كيف أدخل في دينها ..
وأؤدي فروض عبادتها ..
امض منك .. إلي ..
ومرر ربيع أصابعك فوق لحمي .. وعظمي..
لعل تزول تلك الندوب .. السخية في ألمها ..
تلك السحنة الضارية .. التي خلفتها تلك اللعينة ..
امضِ .. ونادني ..
لا تسقط أنت .. في خوفي .. ويأسي ..
فنتردى سوية في الهاوية..
امضِ بي من احتراقي في حمأة جحيمي.. لانطفائي في وهدة غيبك ..
من مأتمي .. إلى أعراسك ..
لا تسألني عما كنت أشاهد في أحلامي .. حين كنت اولول ..
ارشدني في مسعاي ..
احمني من بغض نفسي .. واحرسني من عثرات ظلالي ..
ادخل غرفة نومي .. ورتب فوضاي الشاقة..
المس أوراقي .. وعري ضميري الخالص ..
احمني من انطفائي ..
حذرني .. من ..
وانصحني فيما يتوجب علي .. أن ..
وعلمني كيف ..
اقترح علي غيي .. وشقوتي .. ومسراتي ..
وأساليبي الخاصة في كره الناس ..
ورفاق أحلامي ..
وطريقة حبي ..
وإلا اضطر إلى قول : هذا ما كنت أفكر به تماماً .. من باب المجاملة ..
الا يأتي يوم تدعوني الحاجة فيه أو الخوف.. منه ..
لقول نعم .. وضميري يصرخ .. لا..
الا اضطر ولو في الأحلام بجعلي أبغض نفسي ..
احلم الا .. يبصرني أحد ..
الا أبصر أحداً ..
والا ابصرني في أحلامي ..
احلم الا يتهددني أحد بالحب .. أو القتل بداء الحب ..
والا أقول لأحد أحبك .. وقلبي يقول لا أريدك..
الا أبغض أحداً .. وكلي يصرخ .. أحبك ..
** **
- د. أسعد بن ناصر الحسين
asad_n_g@hotmail.com