عطية محمد عطية عقيلان
كان هناك جدال بين الصيادين والسيد هيوغ بيفر مدير (جينيس) لصناعة البيرة في إيرلندا، حول أسرع طير يستخدم كطريدة في ألعاب الرماية في أوروبا ولم يتفقوا على اسم طائر جميعهم، وعند عودته من رحلة الصيد راح يبحث عن مراجع وكتب لعله يجد فيه معلومات عن أسرع طائر ولكنه لم يجد إجابة، وجاءته فكرة الحاجة لوجود كتاب يحتوي على الأرقام القياسية والموثقة والتي تحسم الجدل حول أي موضوع، وشرع بالعمل وكلف وكالة لتقصي الحقائق في لندن بهذه المهمة، لترى النور في عام 1954م تحت اسم «موسوعة جينيس للأرقام القياسية» ووزعت مجاناً في عامها الأول، ولاقت استحسان وتجاوب الناس وحاجتهم للحصول على معلومات دقيقة وأرقام مهمة، وبدأت تحتوي كل عام على أرقام ومعلومات موثقة جديدة، وأصبحت تتلقى سنويًا بين 50 ألف و64 ألف طلب تسجيل لرقم قياسي جديد، لا يقبل منها سوى ستة آلاف طلب. علماً أن الموسوعة نفسها دخلت في الأرقام القياسية للانتشار والطبع، حيث طبعت منه أكثر من 100 مليون نسخة في أكثر من 100 بلد حول العالم. لذا تتسابق الدول والهيئات والأفراد لتوثيق أرقامها في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، لتأثيرها ومصداقيتها على الناس واتخاذ القرارات والجذب على الأصعدة كافة، ولم تخلُ الموسوعة من الأرقام والمعلومات الغريبة والطريفة وأحيانًا غير المهم معرفتها، بين القوي والأضعف والأكبر والأصغر، ومن هذه المعلومات الطريفة: «منها في عالمنا العربي أكبر صحن فتوش، وأكبر قرص فلافل، وأكبر كيس شاي، وأكبر صحن فول، وأكبر مفتاح في العالم، وأطول مائدة. ومن الطريف حول العالم، الأكثر بخلاً على الإطلاق والتي فازت بها غيتي غرين ورغم ثرائها إلا أنها كانت شديدة البخل، والمرأة الأكثر زواجًا في العالم والتي تزوجت 23 مرة، وأكبر لاعبة تنس الأسترالية وعمرها 97 سنة، وأسرع وقت لجر سيارة مشيًا على اليدين، ومنها المبتكر، كدخول الأسترالي الموسوعة بعد أن تمكن من جعل شجرة تثمر خمسة أنواع مختلفة من الفاكهة وهي الخوخ والمشمش والكرز والدراق والنكتارين.
الخلاصة: قصة تأسيس موسوعة جينس للأرقام القياسية ملهمة بدءًا من الفضول والتساؤل الذي دار في ذهن صاحب الفكرة، ومن ثم الشروع في تحويل تساؤلاته وحاجته إلى موسوعة تقدم إجابات لهذا الفضول بطريقة موضوعية وموثوقة، وتطورها لتكون مرجعًا ملهمًا للأفراد وتشجيعهم على المثابرة والعمل وتطوير إمكاناتهم وقدراتهم لكسر الأرقام القياسية في مختلف المجالات المتاحة، وهي تحفيز مستمر حتى للشركات ومختلف الهيئات للدخول في المنافسة وتحطيم الأرقام بالتخطيط والعمل والذي يعود بالفائدة على المجتمع والبلد، كما حدث في موسم الرياض وحصوله على أرقام قياسية مختلفة ودخول موسوعة جينيس، وحصول المملكة على أقل محطة تحلية مياه استهلاكًا للطاقة، وأكبر مبنى مغطى للمرايا في العلا، وأكبر سارية علم في جدة، ودخول مجموعة د. سليمان الحبيب على موسوعة جينس في أكبر غرفة قيادة وتحكم عن بعد لوحدات العناية المركزة. وهي في النهاية هذه المنافسة لتحقيق أقام قياسية تصب في صالح الأفراد، وموسوعة جينيس لتحطيم الأرقام القياسية هي فرصة متاحة للجميع للبحث في المجال الذي يمكن أن ينجز به ويحطم الرقم القياسي، وهي أكبر محفز لقدرة الإنسان الفرد على أن يحقق ما يؤمن به ويتدرب عليه من خلال الاطلاع على من دخلوا الموسوعة، لاسيما في الجوانب الإيجابية والتي تخدم البشرية بعيدًا عن أكبر صحن فول أو أكبر مقلاة. ولنتذكر مقولة الممثل الأمريكي بيل كوسبي «يجب لكي تنجح، أن تكون رغبتك في النجاح أكبر من خوفك من الفشل».