د. تنيضب الفايدي
مما اشتهرت حائل جبلان (أجا وسلمى) وهما مرتبطان ببعضهما، بحيث إذا ذكر أحدهما جاء ذكر الآخر، وهذان الجبلان لهما تاريخٌ مشترك في الأدب شعراً ونثراً في الجاهلية والإسلام، ويطلق عليهما «جبلا طيء»، ومع أنهما مرتبطان إلا أن هناك مسافة بينهما، كما تكرر ذكر حائل التي ارتبط بها الجبلان في الجاهلية والإسلام في الأدب شعراً ونثراً أيضاً، لكن المؤلف ركز على أجا وسلمى من باب تجديد المعلومات لأبنائنا وبناتنا مع التعريف لكل منهما، حيث إن جبل أجا هو الأقرب إلى حائل، بل هو جزء منها. وقد ذكر كثيرٌ من الشعراء ولاسيما شعراء الجاهلية الجبال، ومنها جبال طيء، حيث قال الشاعر عبد بني الحسحاس يصف غيثاً هطل على تلك الجبال:
يضيء سناءُ الهضب هضْب متالع
وحبَّ بذاك البرق لو كان عاليا
نعمت به بالا وأيقنت أنّهُ
يحط الوُعول والصخور الرواسيا
وما حركته الريح حتى حسبتُهُ
بحرة ليلى أو بنخلة ثاويا
فمر على الأنهاء فالتج مزْنه
فعق طويلا يكسب الماء ساجيا
ركاما يسحُّ الماء من كل فيقةٍ
وغادر بالقيعان رنقاً وصافياً
ومر على الأجبال أجبال طيء
كما سقْت منكوب الدوابر حافيا
وكم كرر حاتم الطائي جبل أجا حيث قال:
أرَى أَجَأَ مِنْ وَراءِ الشَّقِيـ
ـقِ والصَّهْوِ زَوَّجَهَا عامِرُ
وقَدْ زَوَّجُوها وقد عَنَّسَتْ
وقَدْ أَيْقَنُوا أَنَّهَا عاقِرُ
كما ذكر امرؤ القيس جبل أجا:
أبت أجاً أن تسلم العام جارها
فمن شاء فلينهض لها من مقاتل
وجبل سلمى أكثر ذكراً في الأخبار والأشعار وهي على بعد 50 كيلاً عن حائل تقريباً، تمتد من الشمال الشرقي نحو الجنوب الغربي إلى مسافة نحو 51كم، وعرضها يراوح بين 10 و15كم، وأعلى قمم جبال سلمى الجنوبية هي ما يقع شمال قرية المطرفية 1447م، وجبل سلمى ليس جبلاً واحداً، وإنما هي سلسلة من الجبال يتجاوز ارتفاع البعض منها 1300م، وينحدر من جبال أجا وسلمى عددٌ من الأودية.
وذكر كثيرٌ من الشعراء سلمى، فقد ذكرها جرير حيث قال:
تُبَلِّغْ بَنِي نبْهانَ مِنّي قصائداً
تُطالَعُ من سَلْمَى وهنَّ وُعورُ
وقال آخر:
لبَرْقٌ على سلْمَى وأعلامِها العُلَى
أَقَرُّ لعَيْنَيَّ وأَشْفَى لِمابِيَا
وهناك قصص شعبية حول تسمية الجبلين بهذا الاسم حيث رويت قصة حب خيالية وهي: أن أجا كان رجلاً من إحدى القبائل كانت تسكن في تلك المنطقة، وسَلْمَى (اسم أنثى) كان يعشقها أجا، وهي تعشقه إلى حد الجنون، ولكن رفض أهلهما تزويجهما بسبب الأعراف القبلية ومات كل منهما في جبل سمي باسمه.. ومن تلك القصص التي وردت عن أجا وسلمى ما قاله أبو علي القالي فيما نقله عن رجاله، أن سلمى كانت امرأة متزوجة، ولها خلّ يقال له أجا وأن الوسيطة بينهما تدعى (العوجاء)، فهرب أجا بهما فلحقه زوج سلمى فقتل أجا وصلبه على ذلك الجبل فسمي به، وفعل ذلك بسلمى على الجبل الآخر فسمي بها، والعوجاء جبل هناك أيضاً صلب عليه المرأة الأخرى فسمي بها.
وقد أورد نفس القصة محمد بن سهل لكن دون ذكر أن تكون هناك خيانة زوجية، فيقول: «كان أجا بن عبدالحي يعشق سلمى بن حام من العماليق، وكانت العوجاء حاضنة سلمى والرسولَ بينهما، فهرب بهما إلى هذه الجبال فسميت بهم، والعوجاء جبل هناك أيضاً ويسمى بالحاضنة، لما كانت العوجاء حاضنة سلمى. وقد وردت هذه القصص في الأشعار حيث يقول الشاعر:
ولو جبلي طي رميت بفرقة
لجاء أجا سلمى إليك مسلما
وهي كما ذكرت قصة خيالية، وأخيراً فإن كل منطقة حائل بجبالها ولاسيما أجا وسلمى، بل وكل محتوياتها الطبيعية من سهول وأودية وصحاري تعطي مثالاً واقعياً في المحافظة على البيئة، ولعلّ التضاريس المتباينة هي سرّ جمال منطقة حائل.
وكم كرر حاتم الطائي جبل أجا حيث قال:
أرَى أَجَأَ مِنْ وَراءِ الشَّقِيـ
ـقِ والصَّهْوِ زَوَّجَهَا عامِرُ
وقَدْ زَوَّجُوها وقد عَنَّسَتْ
وقَدْ أَيْقَنُوا أَنَّهَا عاقِرُ
وقد ذكر زهير بن أبي سلمى جبل سلمى حيث قال:
لمن طلل كالوحي عافٍ منازله
عفا الرس منه فالرسيس فعاقِلُهْ
فرقد فصارت فأكناف منعج
فشرقي سلمى حوضه فأجاولُهْ
فوادي البديّ، فالطّوي فثادق
فوادي القنان جزعه فأفاكِلهْ
وقال أيضاً في جبل سلمى:
ضحوا قليلاً على كثبان أسنمة
ومنهم بالقسُوميّات معترَك
ثم استمروا وقالوا إن مشربكم
ماء بشرقيِّ سلمى فيْدُ أوركك
كما ذكر امرؤ القيس جبل أجا:
أبت أجاً أن تسلم العام جارها
فمن شاء فلينهض لها من مقاتل
تبيت لَبُوني بالقريّة آمِناً
وأسرّحها غباً بأكنافِ حائل
وذكر كثيرٌ من الشعراء سلمى، فقد ذكرها جرير حيث قال:
تُبَلِّغْ بَنِي نبْهانَ مِنّي قصائداً
تُطالَعُ من سَلْمَى وهنَّ وُعورُ
وقال آخر:
لبَرْقٌ على سلْمَى وأعلامِها العُلَى
أَقَرُّ لعَيْنَيَّ وأَشْفَى لِما بِيَا