سلمان بن محمد العُمري
تتعجب تهوين البعض من مخاطر التدخين، أو تشكيكهم في صحتها، في حين يراه البعض من الذكور والإناث نوعاً من «البرستيج» ممن يرون أنفسهم من الطبقة المخملية، ويراه البعض الآخر من الطبقة الكادحة لتفريج الهموم والطفش الذي يساورهم.
وما ترصده الهيئات الطبية والصحية والدولية والإقليمية من نتائج تحمل دلالات مخيفة من خلال ما تقدمه من أرقام وإحصائيات لا مجال فيها للشك، وهي المقياس الدقيق الذي يعبر عن حجم هذه المشكلة الكبرى، ووفق آخر التقارير لدينا أن »التدخين في المملكة العربية السعودية يودي بحياة 71 من الرجال و21 من النساء كل أسبوع، أي ما يعادل أكثر من 5000 شخص تقريبًا كل عام بسبب الأمراض التي يسببها التبغ».
المملكة العربية السعودية استشعرت الخطر في وقت مبكر وسنت العديد من الأنظمة والقوانين للحد من ظاهرة التدخين، وعملت الكثير من الإجراءات الممكنة لمكافحة التدخين ومساعدة من يرغب في الإقلاع عنه، ولست في هذا المقام بصدد تعداد ما قدمت، ولكن تبقى تساؤلات محيرة من وجود تناقضات وتجاوزات تخالف الأنظمة والتعليمات حول مسألة التدخين حيث السماح لمحلات الشيش والمعسلات وكثرتها، والسماح بتعاطيها في المطاعم والكافيهات، وأصبحت سبباً في زيادة عدد المدخنين من الجنسين، مما يتطلب ضرورة متابعة تنفيذ الأنظمة، وإعادة النظر في بعض القرارات، وعدم التهاون في محاربة هذا الداء السرطاني المخيف.
لقد قمت بفضل الله وتوفيقه، بإعداد كتاب أسميته (آفة التدخين بين الطب والدين) عرضت من خلاله لرأي وحكمة الشريعة في تحريم التدخين، قبل أن يثبت الطب والدراسات الطبية الحديثة الأضرار الكارثية لآفة التدخين على صحة الفرد، والمجتمع، وقدمت في الكتاب وهو الجزء الأكبر منه آراء الأطباء في مختلف تخصصات الطب، حول أضرار التدخين، وكيفية حدوثها، وتتراوح ما بين أضرار محدودة، وأضرار تصل إلى أخطر الأمراض، وبلغ تعدادها أكثر من 25 مرضاً، وخرجت بعدد من التوصيات والنتائج المهمة حول ذلك.
وأمام تزايد وارتفاع نسبة المدخنين في المملكة على الرغم من الحملات التي تطلقها بين الحين والآخر وزارة الصحة، وجمعيات مكافحة التدخين، مما يوجب تضافر الجهود ومراجعة الأنظمة والتعليمات والتأكد من تطبيقها وتنفيذها، كما قمت بعمل دراسة متخصصة بعنوان: (ظاهرة التدخين في المجتمع السعودي)،وهي دراسة ميدانية عن عوامل التدخين وآثاره وأبعاده الإنسانية، وكانت الشريحة المستهدفة (الشباب) الأكثر تعاطياً للتدخين، وخرجت بعدد من النتائج والتوصيات المهمة.
وفي استعراض لبعض الرسائل العلمية في جامعاتنا، «ذكور وإناث»، وجدت العشرات من الدراسات المتميزة عن ظاهرة التدخين، وكذا الحال للأبحاث المقدمة للندوات، والمؤتمرات، التي عقدت حول تلك الظاهرة المشينة، هناك عشرات بل مئات التوصيات والنتائج، مما يطرح التساؤلات.. هل استفادت الجهات المعنية منها، وما الفائدة من سن الأنظمة والتعليمات دون متابعة وتطبيق؟!.
دمتم بصحة وسلامة وعافية.