د.عبدالرحيم محمود جاموس
لماذا خالد مشعل يذهب إلى لبنان؟ ومعه رهط من قيادة حماس، غير مرحب به وبها من قبل العديد من رموز الإخوة الوطنيين في لبنان الشقيق، بعد انفجار مخزن الأسلحة الخاص بحركة حماس في مخيم البرج الشمالي شرق مدينة صور وما أحدثه هذا الانفجار من هلع في قلوب سكان المخيم والمنطقة المحيطة به، وبعد حادث التشييع لأحد ضحايا الانفجار وما تخلله من إطلاق للنار الذي أدى إلى مقتل ثلاثة من المشيعين، جاء ليقدم خطاباً سياسياً وإعلامياً توتيرياً ضد قوات الأمن الوطني الفلسطيني، التي تقوم بواجبها في حفظ الأمن والسلم الأهلي والمجتمعي في المخيمات الفلسطينية في لبنان، وبالتنسيق مع السلطات الرسمية اللبنانية، والتحريض ضد حركة فتح التي تقدم الرعاية الاجتماعية والتعليمية والسياسية والتمثيلية في إطار جامع وهو منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، هذا الخطاب السياسي والإعلامي التوتيري من قبل خالد مشعل، يهدف إلى إشعال الفتن الداخلية، كعادته منذ حسمه العسكري في غزة عام 2007 م، يبدو أن خالد مشعل قائد حركة حماس في الخارج، يريد تكرار تجربة الحسم في غزة في المخيمات الفلسطينية في لبنان، وإحلال ميليشيات حماس محل قوات الأمن الوطني الفلسطيني، ومثل هذا الهدف لا بد أن يكون مرتبطاً بمخططات وأحداث تستهدف ليس فقط أمن المخيمات والسلم الأهلي فيها، وإنما للزج بها في أتون لعبة التوازنات والصراعات الخاصة بلبنان، من هنا تأتي خطورة هذه التوجهات الخبيثة وباسم المقاومة الإسلامية، أين هي المقاومة في المخيمات الفلسطينية في لبنان والمقاومة من لبنان؟!
إن لم تكن تستحي فافعل ما تشاء، هكذا يجري استغلال حالة العوز والفقر والبطالة في المخيمات الفلسطينية من قبل حماس، والعمل على صناعة مليشيا خاصة، لتنفيذ مخططات أبعد ما تكون عن خدمة فلسطين والمقاومة وعن خدمة اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان...، كل هذا الإسفاف الذي ورد على لسان مشعل، والخطاب الإعلامي الاتهامي وبشكل غير مسبوق من أجهزة إعلام حركة حماس المختلفة، لقوات الأمن الوطني الفلسطينية في لبنان ولحركة فتح، للتغطية على الدور الخبيث والمنتظر الذي تخطط له حماس لتأديته وتنفيذه في وعبر مخيمات لبنان، وللتغطية على جريمتها في تخزين الأسلحة في داخل المخيمات وما نتج عنها...!
من حق سكان المخيمات وغيرهم أن يسأل حركة حماس، لماذا هذا السلاح يخزن في مخيمات لبنان ..؟ هل هو للمقاومة والتحرير...؟ أم للتخريب والمس بأمن المخيمات...؟ ومن ثم المس بالأمن والسلم الأهليين في لبنان..؟!
ومن أجل إقحام المخيمات في أي صراعات قادمة يخطط لها للتنفيذ في لبنان .... ؟!.
للأسف يجري استغلال الحاجة المادية الماسة لأهلنا من سكان مخيمات لبنان، ومستوى البطالة المرتفع بين الشباب، بصورة بشعة ومهينة من قبل حركة حماس وبعض التنظيمات الأخرى، كان الأجدر فيمن يريد أن يساعد أهلنا في مخيمات لبنان، أن يقدم لها المشاريع التشغيلية الإنتاجية التي تعود بالنفع عليهم، لا أن يبدد الأموال في شراء أسلحة وتخزينها لإلحاق الأذى والضرر بهم، والتي لن تستخدم لمقاومة الاحتلال وخاصة عبر لبنان.
على حركة حماس وغيرها أن تعي جيدا حساسية وضع المخيمات في لبنان واعتبار أمنها وأمن لبنان الشقيق خطاً أحمر، وعدم تكرار تجربة مخيم نهر البارد، وتجربة مخيم اليرموك في سوريا أيضا، والعمل مع المؤسسات الفلسطينية الشرعية من خلال سفارة دولة فلسطين وقوات الأمن الوطني الفلسطيني الرسمية التي تتولى التنسيق مع السلطات اللبنانية الرسمية والشرعية.
يجب أبعاد المخيمات الفلسطينية عن أي تجاذبات سياسية داخلية، قد يتعرض إليها لبنان الشقيق لا سمح الله.
يجب أن تكف حركة حماس وغيرها عن مناكفة الشرعية الوطنية الفلسطينية الممثلة في م.ت.ف، ومؤسساتها التمثيلية، سواء في لبنان أو غيره من الساحات العربية والدولية.
يجب على حركة حماس التخلي والتخلص من عقدة فتح وعقدة م.ت.ف والتخلي الكامل عن فكرة البديل لفتح ولـ م.ت.ف، لأن هذه الأفكار لن تقود سوى إلى الفتنة والدمار للمشروع الوطني، ولن تخدم سوى العدو الصهيوني ومخططاته.
على حماس أن تدرك أن مشروع جماعة الإخوان المسلمين الذي هو جزء منه .. قد أفل نجمه وأخذ بالتهاوي في مختلف الساحات العربية، وعليها أن تفصل بينها وبينه، وأن تسعى لأن تكون جزءا من الحالة الوطنية الفلسطينية، التي ستبقى عصية على الأخونة كما هي عصية على الصهينة.
ويبقى أمن شعبنا في الوطن والمخيمات وخاصة في لبنان وسوريا خطاً أحمر لا يجوز تجاوزه ممن كان.