أحمد بن محمد الشريدي
الباحث عن الشهرة يجد من العناء ما يجده للوصول إليها، ولكنه عناء مشوب بكثرة التقلب بين نوازع النفس ودوافعها، وطول التنقل بين الرغبات والشهوات، والنرجسية والغرور، والغطرسة وجنون العظمة، فليس لصاحب الشهرة قرار أو استقرار أو متعة وسعادة حقيقية، بل المزيد من البؤس والتعاسة والشقاء والحرمان..
والباحث أيضاً عن النجاح والخير يجد من العناء ما يجد في سبيل الوصول اليها، ولكنه عناء مشوب بالمتعة في دروب الفلاح والصلاح وتقليب الأمر، ونار الفكر، وانضاجه بجمرة العقل والمنطق..
ولعل ما يؤكد تلك الحقيقة هي الفاجعة التي حدثت قبل أيام ونعى الآلاف بل الملايين من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية، السنابي والروائي المشهور «البشوش محمد الشمري صاحب الخلق الرفيع والتواضع الجم، والقلب النقي والابتسامة الصافية،الذي لمع اسمه وسطع نجمه داخل المملكة وخارجها، وبالرغم من ذلك لم يصبه الغرور كما أصاب غيره ولم تغيره الشهرة، بل ضاعفت حجم مسؤوليته وعززت أمانته وزادته تمسكاً بدينه وقيمه، وجعلت يعيش تفاصيل حياته بكل عفوية وبساطة ومن غير بهرجة أو غطرسة أو تصنع وتكلف، الأمر جعله يدخل قلوب الناس سريعاً بدون مقدمات وينال احترامهم وتقديرهم ويحظى بحبهم ودعواتهم..
وقد شاهد جميع متابعيه مشهد ابو فهد الأخير في الحياة، عندما طلب منهم الدعاء أثناء عزمه السفر من رفحاء إلى الرياض، فوثق وأبناؤه لقطات الوداع الأخير للحياة وكأنه ينعي نفسه..
وبعدها بساعات يتعرض لحادث مروري شنيع، ويرحل أبو فهد وطفلته حلا، 5 سنوات، ورضيع 7 شهور، وبقي الابنان ووالدتهم، فشيع جثمانه حشود غفيرة في واقعة أليمة أقرب للخيال، فتدفق برحيله مشاعر الالتياع أمام الفقدان المر، أمام الرعب الملطّف بالأسى على ألم الرحيل بدون أي مقدمات.. رحل وترك خلفه السيرة العطرة وطيب الأثر.. فهل يدرك مشاهير السناب أن رصيدهم ليس بالكم من المتابعين بل الكيف من الاعمال الصالحة.. فهنيئاً لمن اعتبر واتعظ، وهنيئاً لمن لاقى ربه وقد صلح عمله، وهنيئاً لمن رحل عن الدنيا وترك سيرة طيبة مع الجميع ومن الجميع كل من يسمع أو يسرد اسمه يردفها بكلمة (الله يذكره بالخير) فيحظى بالحسنيين خير الدنيا والآخرة.. أسأل الله أن يرحم أبو فهد ويقبله القبول الحسن. ويربط على قلوب أسرته وأحبابه ويلهمهم جميل الصبر.