د.شريف بن محمد الأتربي
تظل المهارات هي العنصر الأساسي في الحكم على مقدرة الشخص على أداء عمل معين، حيث تشترك المهارة مع كل من المعرفة والخبرة في اختيار الأشخاص لتأدية مهمة ما أو شغل وظيفة معينة، ومن ثم تنفرد بذاتها في المفاضلة بين المتنافسين لاختيار أفضلهم.
وعلى مدار السنوات الماضية برز مصطلح (مهارات القرن 21) ليتصدر المشهد عن غيره من المصطلحات، بل وأصبح مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بكل من التعليم، والتنمية البشرية، وسوق العمل، وأيضاً الرسائل الجامعية خاصة في مجال التعليم.
وللمهارة عدة معان مختلفة، ففي اللغة: جمع مهارة، والمهارة هي الحذق في الشيء والإحكام له والأداء المتقن له. يقال مهر الشيء مهارة أي» أحكمه وصار به حاذقاً، فهو ماهر. ويقال مهر في العلم وفي الصناعة وغيرهما» ويقال تمهر في كذا أي» حذق فيه فهو متمهر.. يقال تمهر الصناعة.» والمهارة الإحاطة بالشيء من كل جوانبه والإجادة التامة له يقال الماهر: «الحاذق لكل عمل والسابح المجيد». ومهر الشيء وفيه وبه مهارة: أحكمه وصار به حاذقاً، فهو ماهر (لسان العرب).
وهي: خصائص النشاط المعقد الذي يتطلب فترة من التدريب المقصود، والممارسة المنظمة، بحيث يؤدي بطريقة ملائمة، وعادة ما يكون لهذا النشاط وظيفة مفيدة. وهي الكفاءة والجودة في الأداء. وهي السلوك المتعلم أو المكتسب الذي يتوافر لها شرطان جوهريان، أولهما: أن يكون موجها نحو إحراز هدف أو غرض معين، وثانيهما: أن يكون منظماً بحيث يؤدي إلى إحراز الهدف في أقصر وقت ممكن. وهذا السلوك المتعلم يجب أن يتوافر فيه خصائص السلوك الماهر.
ويعرف «كوتريل» المهارة بأنها: القدرة على الأداء والتعلم الجيد وقت ما نريد. والمهارة نشاط متعلم يتم تطويره خلال ممارسة نشاط ما تدعمه التغذية الراجعة. وكل مهارة من المهارات تتكون من مهارات فرعية أصغر منها، والقصور في أي من المهارات الفرعية يؤثر على جودة الأداء الكلي.
ويستخلص «عبد الشافي رحاب» تعريفاً للمهارة بأنها: شيء يمكن تعلمه أو اكتسابه أو تكوينه لدى المتعلم، عن طريق المحاكاة والتدريب، وأن ما يتعلمه يختلف باختلاف نوع المادة وطبيعتها وخصائصها والهدف من تعلمها.
وأخيراً، المهارة هي: أداء مهمة ما أو نشاط معين بصورة مقنعة وبالأساليب والإجراءات الملائمة وبطريقة صحيحة. وهي: التمكن من إنجاز مهمة معينة بكيفية محددة، وبدقة متناهية وسرعة في التنفيذ.
ومن المهارات التي يرى التربويون ضرورة إكسابها للطلاب؛ المهارات الحياتية، ومهارات القرن 21. أما المهارات الحياتية فقد عَرّفتها منظّمة الأمم المتّحدة للطفولة بأنّها: مجموعة من المهارات النفسيّة والشخصيّة التي تُساعد الأشخاص على اتخاذ قراراتٍ مدروسةٍ بعنايةٍ، والتواصل بفعاليّة مع الآخرين، وتنمية مهارات التأقلم مع الظروف المحيطةِ، وإدارة الذات التي تؤدي إلى التقدّم والنجاح.
ومن أهم المهارات الحياتية التي يمكن توظيفها في التعليم عن بعد لزيادة فاعلية الطلاب وتأكيد حدوث التعلم، وكذلك إمكانية قياسه: مهارة حل المشكلات، مهارة التواصل وبناء العلاقات.
وأما مهارات القرن 21 فتعرفها منظمة الشراكة من أجل مهارات القرن الحادي والعشرين بأنها: «مجموعة المهارات اللازمة للنجاح والعمل في القرن الحادي والعشرين مثل مهارات التعلم والابتكار، والثقافة المعلوماتية والإعلامية والتكنولوجية، ومهارات الحياة والعمل».
وعلاقة التعليم عن بعد بمهارات القرن 21 علاقة طردية من وجهة نظري، فمن خلال التعليم عن بعد يمكن للمعلم تنمية هذه المهارات (مهارات التعلم والابتكار، ومهارات الوسائط المعلوماتية والتقنية، ومهارات الحياة والمهنة) باستخدام استراتيجيات ووسائل التعليم المختلفة، وأيضاً أدوات التعليم عن بعد، ومن خلال هذه المهارات - إذا امتلكها الطالب - يمكن للتعليم عن بعد أن يكون أكثر فاعلية وإنتاجية، وأسرع في تحقيق أهداف التعلم.
وعلى صعيد المهارات الناعمة، فيتم تصنيفها على إنها مزيج من السمات الشخصية والسلوكيات والمواقف الاجتماعية التي تسمح للناس بالتواصل بفعالية والتعاون وإدارة الصراع بنجاح.
وهي سمات شخصية، ومهارات التعامل مع الآخرين التي تميز علاقات الشخص مع الآخرين في مكان العمل. وتعتبر المهارات الشخصية مكملاً للمهارات الصلبة أو الصلدة والتي تشير إلى معرفة الشخص ومهاراته المهنية. في بعض الأحيان يستخدم علماء الاجتماع مصطلح المهارات الناعمة لوصف حاصل الذكاء العاطفي للشخص (EQ) بدلاً من حاصل الذكاء (IQ).
على عكس المهارات الصلبة، التي يمكن إثباتها وقياسها، فإن المهارات الشخصية غير ملموسة ويصعب تحديدها.
ومن أهم هذه المهارات الشخصية ما يلي:
- مهارات الاتصال الفعال (Effective communication skills)
- العمل بروح الفريق الواحد (Teamwork)
- القدرة على التكيف (Adaptability)
- المرونة (Flexibility)
- القيادة (Leadership)
- حل المشاكل (Problem-solving)
- الإبداع (Creativity)
- أخلاقيات العمل (Work ethic)
ومن وجهة نظري الشخصية أجد أن المهارات الناعمة تمثل حلقة وصل بين كل من مهارات القرن 21، والمهارات الحياتية من جانب؛ والتعلم عن بعد من جانب آخر، حيث تؤثر هذه المهارات في عملية التعلم من خلال قدرة الطالب على توظيف هذه المهارات في العملية التعليمية.
ومن جانب آخر أجد أنا هناك عبئاً كبيراً يقع على عاتق المعلمين في اكتشاف هذه المهارات الناعمة لدى طلابهم والعمل على تنميتها والاستفادة منها واستثمارها في العملية التعليمية بحيث يتحول دور المعلم من مصدر للمعلومات إلى مرشد وقائد للعملية التعليمية مستفيداً بما توفره التقنية من أدوات، وما يمتلكه الطالب من مهارات.