عبده الأسمري
في حكايات «الزمان» ومرويات «الإنسان» العديد من التبادلات والتحولات والتغيرات.. يأتي خلالها «الواقع» ليضع أمامنا «التساؤلات» ويبقي حولنا «الاستفسارات» التي تخالف «التوقع» وتغاير «المتوقع»، في حين أنها قد تدخل في «حيز» الغرابة إذا وردت سلوكيات إنسانية مخالفة للفطرة ومغايرة للآدمية.
منذ أن خلق الله الأرض وإلى أن يرثها ومن عليها تباينت «صور» العرفان في «مشاهد» جلية، أبرزت «الوجه» المشرِّف للإنسان الذي يجعله في «مسار» عقلي يميزه عن غيره من المخلوقات، وامتلأت «القصص» التاريخية بجوانب «مشرقة» أضاءت ميادين المعروف من خلال الاعتراف بالفضل والإنصاف للنبل.
الماكثون في «دوائر» العرفان «نبلاء» امتلأت أنفسهم بالقيم الأصيلة التي عكست «جوهر» الإنسان، وأبانت «الثمن» الحقيقي لذلك المعدن في داخله والذي صقلته «معاني» الحياة، ليبدو أكثر إشراقاً، لذا فإن المعترفين بالجميل أكثر أهل الأرض سعادة لأنهم يشيعون «الفضيلة» وينشرون «المروءة».
في متون «الحقائق» خلال تاريخ الإنسان جاء العرفان سداً منيعاً أمام موجات «الخذلان» الذي يقف وراءها «متخاذلون» عن رد «المعروف» و«متورطين» في نسيان «الفضائل»، كان سلوكهم «غريباً» ومسلكهم «مريباً» ونتائجهم «مؤذية»، حينما سقطوا في منحدرات «السوء».
في موازين «الذكر» ومضامين «الشكر» يسمو «العرفان» كقيمة دينية ومقام إنساني ومعلم بشري، فتعلو «الحقوق» وتنقهر «الأباطيل» وترتفع مستويات «القيم» وترتقي مؤشرات «التقييم»، وتثبت «أعمدة» المعروف وترسخ «أصول «الامتنان» وتبنى «صروح» الوفاء.
الشاكرون «ثلةٌ» من البشر يوظِّفون «مفاهيم» الانتماء «لكل قول «جميل» وفعل «أصيل»، ساروا على «نهج» الصالحين ومضوا على «منهج» المحسنين «فظلوا» سادة «العرفان» و«رواد» المعروف الذين يرسمون طرائق «الاقتداء» وخرائط «الاحتذاء» لكل الأجيال التي تعاقبت بعدهم، ونهلت من معين «القيم» وتشربت من منبع «الشيم».
بيننا ووسطنا من تورَّط في «الخذلان» وكان وجهاً بائساً للنكران عندما نسى الفضل وتناسى المعروف، فوقع في أنانية مقيتة شوهت الجانب الحقيقي للإنسانية البيضاء، وبقي هؤلاء الصنف «سائرين» في «حلقات» مفرغة من «حب» الذات ومدارات مفزعة من «تغليب» الأنا.
المجتمع مكتظ بحالات تخاذلت في رد «المعروف»، وتمادت في نسيان «الجميل» مما يعكس الجانب المظلم في الداخل، ويظهر نتائج «أنفس» مريضة تلحفت بالتنكر وتوارت خلف «النكران»؛ مما أدى إلى نشوء حالة من «التوقع» المبكر و«التوجس» الباكر بانتشار هذا «الخذلان» كسمة اتخذت الجانب «الأغلب» وانتظار «العرفان» كصفة بقت في الشأن «الأندر».
يقضي أصحاب «الأنفس» الوفية جل عمرهم وهم يشيعون «الصفاء» وينثرون «العطاء» على صفحات الحياة من خلال «المواقف» المؤلمة التي تعترض حياة الآخرين بتسجيلهم «الوقفات» المشرفة التي تنفع الناس، من خلال بناء «صروح» الإعانة وتشييد «معالم» الإغاثة التي تنتشل الغير من أعماق «الضيق» إلى «آفاق» الطريق الذي يجعل الإنسان على «عتبة» عمر جديد كان أخوه فيه عوناً له وبقي صديقه خلاله مدافعاً عنه.
تزايدت حالات «الجحود» كثيراً مما أسهم في شيوع «الإحباط» وتنامي «الصدمات» وارتفاع «الاندهاش» في أنفس المتسلحين بالمعروف والمرتبطين بالحسنى والذين أجادوا «صناعة» الخير، وظلوا يملأون تلك «الفراغات» الموجعة ويردمون تلك «الفجوات» البائسة التي نشئت من سلوكيات «الناكرين» للفضل و«المتنكرين» للنبل، مما يعكس نوعية «الأصل» الذي يمثلونه والذي يميز «المحسن» من «المسيء».
مقام الإنسان الحقيقي فيما يقدمه من «معروف» وما يبقيه من «ذكر».. الأمر الذي يعكس «غلبة» القيمة « الواقعية لكل شخصية من خلال «رصيد» التأثير في حياة الآخرين بدعم أو إعانة أو إغاثة أو مساعدة أو فضيلة، فيظل هؤلاء «الأخيار» هم السفراء المتوجين بالدعاء والفائزين بالثناء، ومن تنكَّر للآخرين وأنكر أعمالهم فستنقلب عليه «المعادلة» في بقائه «نكرة» في قواميس الوفاء و«مجهولاً» وسط سجلات «العطاء».