إنَّ العمل التطوعي هو جوهر الحياة، وحياة الجوهر، وغذاء النفس، ومتنفس الروح، ورياضة العقل، وراحة الدنيا، وسبيل للأجر في الآخرةِ، ولِمَ لا، وهو طريق الأنبياء والمرسلين، فسيد المتطوعين هو محمد - صلى الله عليه وسلم - شارك قومه وأجداده في بناء وتجديد البيت الحرام، وخاطب نوح قومه، فقال: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا على رَبِّ الْعَالَمِينَ}، وسقى موسى - عليه السلام- للفتاتين وما طلب الأجر إلا من الله سبحانه تعالى، قال الله تعالى: {فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}.
والتطوع سبيل القادة والسادة والمصلحين، فإنَّ ذا القرنين بنى سدًا لحماية الناس وما طلب عليه من أجر. قال الله تعالى على لسانه: {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا}، وعمل الخير والتطوع أجره متجدد مدى الحياة وبعد الممات، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلّا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفَعُ به، أو ولد صالح يدعو له»، وصاحب التطوع هو خير الناس وأحب الخلق إلى الله، وذلك مصداقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «أحب الخلق إلى الله أنفعهم للناس».
ولقد كان مؤشر التطوع أحد أهم محاور رؤية المملكة (2030م)، لذا نجد القطاعات الحكومية والخاصة تحتضن إدارات للشراكات المجتمعية، والمسؤولية المجتمعية؛ ليكون العمل التطوعي ثقافة مجتمع وعطاء إنسانياً، وهدفاً وطنياً مهماً، وأجراً عظيماً في الآخرة؛ لأنه يؤدي دورًا مهمًا وقوياً في دعم ومؤازرة سعادة الإنسانية في مملكتنا الغالية، فهو وسيلةُ تواصلٍ مستمرٍّ مع أفرادِ المجتمع كافة، ويُبرزُ إنجازاتٍ عظيمةً ومفيدةً تقدِّمُها الجهات الخيرية وتأثيراتها الفعالة في خدمات المجتمع، ويقدِّم نموذجًا ناجحًا ورائدًا، من خلال تقديم برامجَ وأنشطة متنوِّعة ومهمة تسهمُ في خدمة الدين والوطن، والمواطنين والمقيمين على أرض الحرمين الشريفين؛ لذا يحظى برعايةٍ واهتمام كبيرين من حكومتنا الرشيدة، رعاها الله تعالى؛ ليُخرِّجَ لنا جيلًا صالحًا للمشاركة الفعَّالة في خدمة دينه ووطنه الغالي، وخدمة قضايا مجتمعية ومصالحها في إطار منهجيٍّ واقعي؛ ليكون قدوةً حسنةً للجميع بما يملك من قدرة كافية على العطاء والتميز، لأنه يستحضر بأنَّ العمل الأساسي للعمل التطوعي الجاد المتميز بالأفكار والمعطيات الثقافية، والعلمية والعملية، مُبتعدين عن تأثيرات العواطف والميول الشخصية بشكلٍ منظمٍ واحترافي، ويقدِّم نموذجًا حَيًّا في نقاء وصفاء الفكر وقوة المعرفة والثقافة، ويستفيد من التقدُّم العلمي والتقني الذي تشهده بلادُنا الغالية في كل لحظة، وقد منحت المملكة العربية السعودية العمل التطوعي أهميةً عُظمى، فقد أنشئت منصة العمل التطوعي؛ للإسهام في تقوية مهارات العمل التطوعي، وتحقيق سرعة التواصل مع الآخرين في كلِّ مكانٍ وزمان، والحث على العمل التطوعي ابتغاء رضا رب العالمين. لذا يجب علينا بذل كلِّ ما نستطيع من جهدٍ في سبيل زيادة تميز ونجاح وتيسير العمل التطوعي، وتحسين مستوى وسائل خدمات العمل التطوعي، وقياس مدى التأثر والتأثير؛ لما يقدِّمه من تربية وعلم وتدريب؛ الأمر الذي يجعل إحساس مقدم العمل التطوعي المتميز يتخذُ موقفًا واضحًا تجاه مسائل الحياة المختلفة، والارتقاء باهتمامات الآخرين وتوجيهها الوجهة الصحيحة؛ لذا كان علينا بذل المجالات والأصعدة كافة بالتعاون والتكاتف مع الجهات الخيرية والمستشفيات؛ لذا يوجد لدينا نظام العمل التطوعي في الجمعية الخيرية لصعوبات التعلم، حتى نستطيع بتضافر الجهود المضيئة المباركة، والدعم المعنوي والمالي - بعتوفيق الله تعالى- إبراز جيل من المتطوعين يعملون ويعبرون عن مواهبهم بشكلٍ متميِّزٍ، يدعونا للفخر والاعتزاز، وبالتالي تستفيد الجهات الخيرية ذات العلاقة؛ لتحقيق نتائج متميزة تخدم الوطن والمواطن والمقيم، بطرقٍ احترافية، في ظلِّ الرعاية الكريمة لحكومتنا الرشيدة يرعاها الله تعالى.