رمضان جريدي العنزي
بعض (السنابيين) الذين ينعتهم الناس بمشاهير الفلس يرقصون على جثث الموتى، ويتسابقون على مصائب الآخرين، ويتباكون كذباً وزوراً وبهتاناً، ويعملون ببروقاندا أشبه بحفلات الزار، مهووسون وموتورون ويلهثون وراء كل مصيبة، لزيادة التعقيد، وتعميق الجراح، حباً بالظهور والتمظهر بمظهر الإنسانية والمشاركة والتعاطف ليس إلا، أصبحنا مبتلين بهؤلاء البعض الذين لا هم لهم سوى الركض وراء الفلاش والضوء، والعيش في دائرة الحدث، يتشدقون بعبارات فضفاضة عن الفقد والحزن والرحيل والألم، يحاولون التلاعب بالعقول وتزييف الحقائق، يستغلون الموقف والحدث والمصيبة، إرضاء لشهواتهم القاتمة، ونرجسيتهم الفائقة، باسم التعاطف والمشاركة والمواساة، ويبيعون من أجل ذلك المبادئ والقيم والأعراف، يمارسون الهرج والمرج واللغط، لأجل زيادة المتابعين والإعجابات، إنهم مثل الذي يقتل القتيل ويمشي في جنازته، إن طرقهم البهلوانية هذه لن تنطلي على أحد صاحب عقل وفكر وفهم وبصيرة، ولن تجد استلطافهم من خلال ما يحاولون إيصاله للناس وكأنهم أحمال وديعة، إنهم يتراكضون خلف كل مصيبة وموت، من كل حدب وصوب، ومن كل شكل ولون، إن أحقر الناس الذين يتاجرون بآلام الناس وأوجاعهم ومصائبهم وأحزانهم، كم هو مهين هذا العمل ووضيع، لا هو مقبول ولا مستساغ، وتعف عنه النفس الكريمة الزكية، إن هؤلاء البعض من السنابيين الذين يتباكون على الميت، لم يكن يعرفونه وهو حي، لم يكن يزورونه، ولم يتفقدوا حاله وأحواله البتة، ولم يكن يعيرونه أي انتباه، وعندما مات جاءت الدموع مدراراً، وأصبحت المشاعر فياضة، والزيارات متتالية، والإشادات أصبحت معلقات فاخرة، والمناشدات كأنها أبواق صارخة، إن ظاهرة استغلال المشاعر من قبل هؤلاء الفلس أصبحت ظاهرة ومتفشية، وتتوالد يوماً بعد يوم، مثل الميكروبات الضارة داخل الجسد، إن تجار المواجع أخذوا يتكاثرون مثل نبات الفطر، من غير رادع أخلاقي ولا سلوكي، إنه الرياء الواضح بالتمام والكمال، فيجب الحذر منهم، والابتعاد عنهم، وعدم الالتفات لهم مطلقاً، مهما كانت أساليبهم وطرقهم وأشكالهم وهيئاتهم.