سهوب بغدادي
في ظل ما نعاصره من توترات متصاعدة إثر متحورات الجائحة التي لا تنتهي، فلا نلبث أن نشعر أننا تغلبنا على هذا الوباء حتى يظهر لنا ما يخالف توقعاتنا، ومع ازدياد الحالات اليومية تتبادر إلى مخيلاتنا ما حدث قبل عام وأكثر من تداعيات الفيروس وفترات منع التجول واكتشاف اللقاح والفرحة المصاحبة لذلك، إن ما كان من وتيرة أحداث في فترة قصيرة لن يجعل العالم ينظر إلى العالم بذات النظرة، باعتبار أن حالات الإصابة لا تفرق بين مواطن أو مقيم، ولا توجد أفضلية في تلقي اللقاحات لعرق ما على آخر ولا ديانة دون أخرى، وهنا تأتي الإنسانية، عندما نتمسك ببعضنا البعض من خلال تجريد النفس من متعلقاتها ورغباتها بهدف محاولة إبقائها حية، الحياة والإنسان بشكل شمولي كان الفيصل في التعاملات والقرارات التي اتخذتها القيادات، فلا ننسى دور المملكة العربية السعودية الريادي والإنساني خلال الجائحة عندما وفرت العلاج للمواطن والمقيم والزائر والمخالف أيضاً، فكانت بادرة تستحق التفكر، فضلاً عن إتاحتها اللقاحات للعامة بغض النظر عن أجناس وألوان وأطياف، ولنا في التجربة السابقة خير دليل على أن التعايش من أبرز سمات المجتمعات المزدهرة، فقيمة التسامح ينتج عنها التعايش اللازم للقضاء على التيارات المنحرفة والمتطرفة الجارفة التي تفكك حلقات المجتمع وتجهض سماحة ديننا الإسلام الدال على السلام، فيما تبرز أهمية التوعوية بنشر ثقافة التعايش، نرى أن المواطنة الإلكترونية لا تقل قيمة في هذا الصدد، باعتبار أن للتقنية آثاراً إيجابية عديدة منها سهولة الوصول فمن هنا نستطيع نشر الصورة الحقة الإيجابية عن وطننا،فكل مواطن مسؤول في تعاملاته اليومية والرقمية الافتراضية على حد سواء.
ولا يخفى على المتفكر أن البعض لا يترفعون عن القشور، فلقد ظهرت هاشتاقات تتساءل عن إباحة تهنئة غير المسلمين بالكريسمس، واندلعت النقاشات لأيام حتى بعد انتهاء الكريسمس، وسيأتي علينا يوم قريب نرى فيه هل تجوز التهنئة برأس السنة؟ لنرتجع تلك النقاشات مرة أخرى! أليس فيما نمر به فعلياً مثال على أن الحياة أهم من مجرد نقاشات عابرة، فحبذا لو خصصنا النقاش لأمور تعكس جهود المملكة الإيجابية تجاه المجتمعات في الإقليم والعالم، ويتجلى من خلال دور مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي يعمل ويساند الدول المتضررة والشعوب المتأثرة بالنوائب دون النظر إلى القشور التي تحدثنا عنها.
إن تعزيز قيم التعايش معنى وطني يعكس تأكيد ولاة أمرنا على أهمية التلاحم الوطني والتعايش بين كافة الأطياف بهدف بناء ركيزة مجتمعية صلبة لوطن مزدهر تحقيقاً لرؤية الوطن الطموح 2030.