د.عبدالعزيز الجار الله
دخل العالم في ضبابية حلول كورونا وبخاصة المتحور أوميكرون، بعد أن اعتقد العديد من الدول أن كورونا (كوفيد 19) وصل إلى نهاياته، ثم ظهر المتحور الجديد بانتشار سريع يتوقّع أن يحدث (2) مليار إصابة من البشر في زمن قصير، رغم ضعف أعراضه.
كيف تحول العالم أجمع إلى مدن موحشة الخوف يسكن شوارعها وقبل ذلك أي قبل ديسمبر 2019م كانت الأمم غافلة لا تصدق أن مرضاً ينتقل بين البشر عبر العدوى بسرعة مذهلة، لكن فيروس كورونا كان أسرع وأخطر فصارت مستشفيات الهند والبرازيل وأمريكا مرعبة، وكيف أن سيارات الإسعاف تنقل بالدقائق الآلاف من المصابين والموتى، والتحذيرات تجدها بكثافة عالية في وسائل الإعلام، فقد كانت سنة 2020م وحتى منتصف عام 2021 هي سنة وأشهر الحياة الصعبة وصل الأمر باليأس والإحباط مداه الأخير.
سنة وأشهر لن ينساها التاريخ البشري تعطَّلت المصالح وأغلقت المؤسسات والشركات وصارت الدراسة والجامعات والأعمال عن بعد وتوقفت التنمية والمشروعات، لتأخذ منحنى خطيراً من انهيار اقتصادي لا مثيل له، القطاع الطبي يكاد يصل إلى درجة العجز عن تقديم خدماته، أغلقت العيادات، الأطباء جنود القبعات البيضاء فقد أنهكوا وخارت قواهم أمام نقص أجهزة التنفس وحالات الموت المتواصلة.
فقد يكون كورونا ليس فيروساً يصيب أجساد البشر، بل قد يأتي على شكل فيروس يصيب الاقتصاد ويضربه بمقتل مما يحدث له انهياراً شاملاً يدمِّر الاقتصاد العالمي، اقتصاد الدول والمجتمعات، فينتشر الفقر والجوع، حتى يعود العالم إلى سيرتهم الأولى، حياة بدائية نهب وسلب، يتقاتل الناس على الأكل والشرب وينعدم الأمان والاستقرار، يتحوّل الإنسان إلى صورة من تاريخه المبكر، حيث لا تقنية ولا تنمية، بل قتال من أجل المأكل والعيش.
لا يمكن استبعاد أي حدث فإن فيروس كورونا قدَّم للعالم درساً قاسياً في كيفية التحولات السريعة والانتشار داخل مدن العالم التي تفصلها البحار والمحيطات والجغرافيا المعقدة، لا أحد يشعر بالأمان والاستقرار ولا أحد محمي ومحصن.