رمضان جريدي العنزي
ليعلم الشباب بأن زمن النوم على السرر الوثيرة والركود والاستكانة قد انتهى، وأن زمن التمدد والخمول وإضاعة الوقت في البراري والاستراحات قد انقضى، وأن زمن الاتكالية والتواكل على الآخرين قد تولى، وأن زمن الهياط والاستهبال والعنتريات والترزز قد تلاشى، وأن زمن الذاتية والنرجسية وكان أبي وكان جدي وكانت قبيلتي وكانت عائلتي قد اضمحل، وأن زمن الاحتفالات الباهتة والعزائم الكاذبة والفشخرة والتكبر والتعالي وقصائد المدح والتطبيل قد مال وانحنى، وأن زمن البشت المميز والسبحة الملونة والعطر الكمبودي قد تغير، وأن البحث عن الوجاهة والمكانة والتميز قد أندثر، وأن البذخ والإسراف والكرم الباهت والغسل في آنية الذهب، وصب السمن والعسل على اليدين قد زال، وأن (سوالف) الغزو والنهب و(الحنشلة) وقصص الكذب، وروايات البهتان وحكايا الدجل قد انتهت بتاتاً، وأن زمن العنصرية البغيضة والفوقية الباهتة لم يعد يجدي نفعاً، وأن الحال قد تغيرت ولم تعد تلك الحال، وأن الوقت الحاضر غير الماضي، وأن لا ينفع الشاب إلا عمله وجهده وتفانيه واعتماده على نفسه وحرفته ومهنته ومهارته التي يجيدها ويتقنها، ليعلم الشباب بأننا في زمن الاحتراف والتخصص والمهنية والتميز والندرة، زمن العمل باليد، زمن يكون الإنسان فيه أو لا يكون، ولكي تكون حياً وموجوداً، وإلا فإن وجودك لن يكون له قيمة وتسقط في كل حساب، فالمستقبل للمجتهد والمثابر والنشيط، أن المستقبل له أحداث ومفاجآت لن يستطيع أحد تخيلها أو تصورها، لكن الإنسان العاقل الفاهم الفطن يستطيع استشرافه ومن ثم عبوره بسلام وأمان إذا أعد له ما يلزم، على الإنسان أن يصنع مداراً خاصاً به، ولا يدور مع مداراة الآخرين، وأن لا يترك الفرص تضيع هباءً منثوراً وهو يراها ويشاهدها من على برجه العاجي الواهن، إننا نعيش في الحقيقة في مرحلة التغير والتبدل والتي تشبه سرعة البرق والضوء، وعلى الإنسان وخصوصاً الشباب أن يعوا هذه التغيرات والتبدلات، وأن يفهموا تماماً بأن الماضي الذي كان لن يعود مطلقاً، وعليهم سرعة تغيير أفكارهم ومفاهيمهم والتي زرعت في عقولهم وفق ثقافة بائدة لا تصلح للزمن الحاضر، وأن ينبذوا كل السلبيات التي كانوا يعيشونها، والتي لا ولن تضيف لهم أدنى شيء أبداً، عليهم أن يعلموا من الآن بأن الذي لا يعمل بكد وجد وتعب ومثابرة لن يستطيع العيش والصمود، ولن يسلك معراج العصر بما يعنيه من قوة وتخطيط ورسم أهداف، ولا سوف يبقى في آخر الطابور ضاراً لنفسه وعالة على غيره، وأنه سوف يضيع ويتيه بعد أن يفقد بوصلته، ويصبح ضعيفاً وواهناً ومستسلماً. إن الإنسان الذي يشيح بوجهه عن حقيقة التغير والتبدل هو إنسان رخو لا عقل معه، ولا يريد أن يعي الحقيقة ولا يريد أن يفهمها ويستوعبها، إن الإنسان الواعي يدرك الحقيقة ويعمل بها، ويترك عنه بالتسويف والتردد، ولا يرضى سوى بالنجاح والتفرد والتميز، يعرف قيمة الوقت ويستثمرة بعيداً عن اللهو والاستهبال والهياط. إن الفرص كثيرة ومتنوعة، فقط على الإنسان أن يكون ذكياً في كيفية الاستفادة من الفرص وفي سرعة اقتناصها، لكي يتمع بالنجاح الذي يميزه عن الفشل الذريع.