محمد سليمان العنقري
كثفت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية منذ سنوات من برامجها لإصلاح بيئة العمل وتنظيم السوق نتج عنه انخفاض بمعدلات البطالة لافضل نسبة منذ عشرة اعوام، حيث بلغت 11،3 بالمائة ووصل عدد المواطنين العاملين بالقطاع الخاص والخاضعين لنظام العمل لما يفوق 1،9 مليون كأعلى رقم تاريخياً، بخلاف من يعملون تحت نظام الخدمة المدنية وبالرغم من تداعيات جائحة كورونا السلبية عالمياً، والتي لعبت دورا كبيرا برفع معدلات البطالة بكثير من الدول نتيجة الاقفال الاقتصادي الكبير لكبح تفشي المرض الا ان المملكة نجحت بزيادة التوظيف للمواطنين خلال عامي الجائحة بفضل توجيهات القيادة وخطط الحكومة لزيادة التوطين الذي تتولى فيه وزارة الموارد البشرية والتنمية البشرية الدور الرئيسي لتنفيذ خطط خفض البطالة من الناحية التنظيمية والرقابية لسوق العمل من خلال اصلاح الانظمة وتطويرها واطلاق برامج التوطين التي تستهدف القطاعات والمهن منذ عدة سنوات حيث تحققت فيها نتائج تعزز من الوصول لمستهدفات رؤية 2030 بوصول البطالة الى 7 بالمائة خلال ثمانية اعوام وهي المدة التي تفصلنا عن التاريخ الذي يتوقع فيه تحقيق جل مستهدفات الرؤية.
وبعيداً عن تفصيلات برامج التوطين المعروفة فإن توجه الوزارة للربط ما بين ادارة الموارد البشرية والعمل التنموي الاجتماعي يعد هو الأميز من خلال برنامج مهم اعطى الفرصة للقطاع الخاص ليكون شريكاً رئيسياً في المسؤولية الاجتماعية من خلال مبادرة غير تقليدية تحت برنامج «تضافر» والذي يتيح لكل منشأة دورا مهما في رفد العمل الاجتماعي الخيري بدعم يخدمه ويقدم الفرصة للكوادر البشرية الوطنية للعمل في القطاع غير الربحي فقد تركز سابقاً الدور بالمسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص على تقديم تبرعات مالية او عينية او اقامة منشآت او مرافق تعليمية او صحية او اجتماعية سادت مشهد المشاركة بالمسؤولية الاجتماعية ومازالت منذ عقود من الزمن لكن برنامج تضافر قدم فرصة من نوع مختلف لدعم العمل الخيري فهو يقوم على فكرة ان توظف منشآت القطاع الخاص مواطنين ومواطنات لديها لكن تفرغهم للعمل في الجمعيات الخيرية والقطاع غير الربحي عموماً ويحسب هذا الموظف للمنشأة ضمن نسب التوطين لكن عمله يكون للجهة المستفيدة التي تقوم بدورها برفع تقارير اداء عن الموظف للمنشأة التي وظفته وانتدبته للعمل بالجهة غير الربحية، فهذا البرنامج الذي يصب في تعزيز دور العمل الخيري بالمجتمع السعودي ورفده بكوادر مؤهلة دون تحميل هذه الجمعيات تكاليف توظيفهم فهو يقدم مصلحة عامة مشتركة بين كل الاطراف، فالمنشآت لا تضطر للتوظيف الوهمي الذي يعاقب عليه القانون وفيه هدر للطاقات وبذات الوقت يساعدها على ان تكون ذات دور مهم في المسؤولية الاجتماعية وايضا هو يخدم الجمعيات الخيرية وما في حكمها بتوفير كوادر لها تعمل وتدير وتبسر اعمالها لتعزيز دور العمل الخيري والتنموي الاجتماعي دون تكاليف ويقدم خدمة للكوادر الوطنية لأخذ خبرات جيدة بالعمل الاداري والتنموي والخيري، يساعدهم في تعزيز حضورهم بسوق العمل واخذ فرص متنوعة تلبي طموحاتهم مستقبلاً بعد اكتسابهم لخبرات مناسبة.
فالبرنامج يعتبر متميزاً في آلياته واهدافه التي ساهمت بزيادة الفرص لاكتساب الخبرات للشباب والشابات حديثي التخرج او ممن لم يمتلكوا اي خبرة عمل او باحثين عن عمل ممن لديهم خبرات يمكن تعزيزها بمهارات وخبرات جديدة اضافة لانه ايضا ساعد في تعزيز حضور المرأة في سوق العمل التي ارتفعت نسبة مساهمتها الاقتصادية بنسب عالية منذ اطلاق رؤية 2030 ومع البرامج التي اطلقتها الوزارة التي فتحت مجالات عمل كبيرة وواسعة للمرأة ساهمت بخفض البطالة النسائية من قرابة 33 بالمائة لما يقارب 21 بالمائة حالياً وهي نسبة انخفاض عالية بفترة قياسية تقارب 6 اعوام وبالعودة لبرنامج تضافر ومع التوسع بحجم القطاع غير الربحي الذي ستصل عدد منشآته للالاف خلال السنوات القليلة القادمة فإن فرص الاستفادة من البرنامج من قبل القطاع الخاص بتوظيف المواطنين لديهم على ان يكون المستفيد من خدماتهم المؤسسات غير الربحية يسهم برفع العمل التنموي بالمجتمع ويعزز دور القطاع الخاص اجتماعياً الذي سيمثل حوالي 65 بالمائة من اجمالي الناتج المحلي حسب مستهدفات الرؤية مما يعني انه يحصل على فرص كبيرة وواسعة بإدارة الاقتصاد الوطني وكحال كل الدول التي سبقتنا في تنمية اقتصاداتها واعطاء الفرصة للقطاع الخاص فإنها ايضاً جعلت منه شريكاً بل وقائداً في المسؤولية الاجتماعية بأدوار متعددة، وهذا هو ما يظهر من توجه وهدف للرؤية في المملكة ولذلك برنامج تضافر واحد من اهم البرامج التي تعطي الفرصة للمساهمة بدعم العمل الخيري ورفد سوق العمل بكوادر تكتسب خبرات ومهارات تساعدها على تطوير ذاتها ودعم تنافسيتها بسوق العمل.
برنامج تضافر أوجد ترابطا واسعا بين القطاع الخاص والقطاع غير الربحي ووسع من اسلوب وحجم المسؤولية الاجتماعية وفتح فرص واسعة للشباب والشابات للعمل واكتساب الخبرات ويسهم بمعالجة ظاهرة التوظيف الوهمي والتحول نحو فرص عمل حقيقية تخدم كل اطراف السوق فهو برنامج جدير بالاهتمام ومن الاهمية ان تفكر منشآت القطاع الخاص بالتوسع في الاستفادة منه والتواصل مع الجمعيات الخيرية وكل مؤسسة غير ربحية للتنسيق معها بتلبية احتياجاتها من الكوادر البشرية الوطنية لما في ذلك من مصلحة عامة تنعكس ايجاباً على المجتمع والاقتصاد السعودي.