إن لمفهوم الحوكمة عوائد نوعية في خدمة منظمات القطاع غير الربحي، غير أن تناول هذا المفهوم وتطبيقه يتخلله شيء من جوانب الخلل والقصور؛ ولعل السبب الأبرز لذلك يعود إلى حداثة المفهوم وتطبيقاته على منظمات القطاع غير الربحي.
ويبرز في أهم أسباب الخلل والقصور تجاه هذا المفهوم، الوعي الكامل لأهمية وجوده وتطبيقه على المنظمات، والعوائد النوعية التي يعمل مفهوم الحوكمة بتطبيقاته على تحقيقها، فنجد المواد الإثرائية، والمحتوى المتنوع، والنصائح الإرشادية وغيرها من وسائل نشر الثقافة وتعزيز المفهوم، ضعيفة في خدمة مفهوم الحوكمة وأهمية وجوده وتطبيقه في منظمات القطاع غير الربحي. وتأتي هذه الخطوة في غاية الأهمية، لتعزيز التبني وإدراك الأهمية والحاجة الملحة لذلك.
ومن ذلك أيضًا استشعار حاجة المعنيين بمنظمتك غير الربحية من مختلف مستوياتهم، إلى وجود هذا المفهوم وتطبيقه وتعزيز الثقافة تجاهه، ودوره النوعي في تعزيز صورتك الذهنية أمام هؤلاء المعنيين.
ومن جوانب الخلل والقصور تجاه مفهوم الحوكمة وتطبيقاته على منظمات القطاع غير الربحي، حاجة المنظمات إلى خبراء متمكنين من هذا المجال، لمساعدتهم في بناء منظومة المنظمة من خلال مفهوم الحوكمة، والاستجابة لاستفساراتهم والعمل على حل المشكلات التي تواجه المنظمات تجاهه، ونقل الخبرات، وعكس التجارب الناجحة، والنماذج النوعية. وقد يكون ذلك بسبب حداثته المصطلح بشكل عام، وعلى منظمات القطاع غير الربحي بشكل خاص.
ومن الجوانب أيضاً أن معيار الحوكمة لمنظمات القطاع غير الربحي في المملكة العربية السعودية، جاء على شكل موحد يشمل التطبيق على كامل منظمات القطع، ولم يراع التفاوت المؤسسي والتأسيسي وغيرها من فروقات المنظمات، ذلك أن هذه الفروقات تحتم وجود أكثر من نموذج، وأن تختلف التطبيقات على المنظمات كل بحسبها، ليتحقق من ذلك غاية القصد من إيجاد هذا المفهوم، وأن تفوز منظمات القطاع بذلك.
ومن ذلك أيضًا ما يحتاجه المفهوم من المراجع البحثية المحكمة من قبل المختصين، خدمة هذا المفهوم من الباحثين ومراكز الدراسات، والعمل على المنتجات البحثية النوعية المحكمة لخدمته. وهنا يختف عما ذكرناه في الجانب الثاني من جوانب الخلل المتعلقة بأصحاب الخبرة والمعرفة بالحوكمة والمتمكنين من ذلك، إلى حاجتنا إلى إثارة هذا المفهوم ليحقق بذلك النتائج النوعية المتنوعة، والعمل الدؤوب في تدوير المعارف المنتجة، والاستفادة منها لتكون مدخلات لمخرجات جديدة. كل ذلك خدمةً لمفهوم الحوكمة وما تعيشه من جدة في تطبيقها في مملكتنا.
ومنها ما يتعلق بمنظمات القطاع غير الربحي، فنجد أن لكل مصطلح إداري مهم خاصية في المنظمة، إما ببناء وحدة أو إدارة خاصة، أو على الأقل بتعيين مسؤول عن ذلك الشأن، فنجد أن الحوكمة تفتقر في منظمات القطاع غير الربحي في المملكة العربية السعودية، إلى هذا الشكل من الاهتمام، إما على شكل إدارة مكتملة البناء، أو على الأقل مسؤولٍ يعمل على إدارة ملف الحوكمة داخل منظمته. يتنوع فيه الدور ويختلف من الدور الأولي في نشر الثقة والتوعية إلى دور التخصيص. والدور المهم في حماية المنظمة وتحقيق المصلحة، وتعزيز صورتها مع معنييها.
ومن الجوانب المتعلقة بالقصور تجاه مفهوم الحوكمة لمنظمات القطاع غير الربحي، عدم الاعتناء بالبيات والمعلومات وتوثيقها، ومساعد طالبها للوصول إليها بأسهل طريقة وأسرع وسيلة. والبيانات والمعلومات في القطاع غير الربحي كثيرة متنوعة، وكون القطاع ارتباطه الوثيق في تنمية وعمار الإنسان، فأهمية تلك البيانات والمعلومات بالغة وتحدث بذاتها فروقًا نوعية لكل مستفيد منها.
في الختام.. عزاؤنا أن مفهوم الحوكمة وتطبيقاته حديثة على قطاع الإنسان، والمستقبل واعد في ظل رؤية طموحة تعمل على جعل هذا القطاع في مقدمة قطاعات التنمية على مستوى العالم.