الطب مهنة إنسانية، لا يمكننا نفي هذه الصفة العظيمة التي تتحلَّى بها مهنة الطب، لما لها من الدور الكبير في خدمة المريض، والتخفيف من آلامه والحفاظ على صحته ونفسيته أيضاً.
ولا يمكننا بالمقابل نكران تلك المشاعر التي تتدفق بالسعادة والدعوات الصادقة من مرضى تعافوا -بفضل الله - ثم الجهود الطبية والإنسانية للطبيب.
الطبيب لم يصل لهذه المكانة العلمية في وقت قصير، بل هي سنوات دراسية طويلة وزخم كثير من العلم والمعارف للوصول لهذه المهنة الإنسانية ولا يكتفي الطبيب بهذا القدر من علمه، فالعلم قادم بقوة، وبتطور دائم وتطور جميع أدوات الطب والجراحة، إذ عليه متابعة كل ما هو جديد لخدمة مهنته ونجاحه. إن ما خلف ستار النجاح لهذا الطبيب، صعوبات ومشقات قطعها، كي يصل لدوره هذا، وسهر ساعات متواصلة لتأدية عمله في المشافي الوقت الذي أخذ من حياته الاجتماعية الكثير لخدمة المرضى فضلاً عن المسؤولية التي يحملها على كاهله، بمراقبة حالة مرضاه للوصول لمرحلة التعافي والأمان.
علاقة تجمعه مع مريضه بتأدية رسالته، رسالة تحمل في طياتها كل معاني الإنسانية التي تجمع بين العلم والأخلاق والرحمة بسلوكيات يمكن اختصارها بعدة أمور، فالتواضع مع جميع الناس على حد سواء ومد يد المساعدة لمحتاجيها، والصدر الرحب لكل مريض ومن لا يتحمَّل الألم، أو من لا يملك معلومة صحية صحيحة فيتحمَّل الطبيب أسئلته الكثيرة ومنها والمزعجة ويحدث هذا إنسانية الطبيب تتجلَّى بالصبر والحلم حتى أمام كل لحظات الغضب التي تصدر من المريض فيخفف عن مريضه بمنحه شعور الطمأنينة والأمان وكأنه الوحيد الذي لديه بالرحمة واللطف والعطف. الأمانة الطبية أن تكسب رضا الله أولاً في تأدية مهنتك لا أن تستغلها لجني المال، كما فعل للأسف كثيرون. وإن نظرنا لدور الأطباء السعوديين في مكافحة كورونا، فإننا نعجز عن وصف دورهم البطولي والإنساني في مملكتنا الغالية، حيث تخطت أدوارهم الإنسانية حدود البلاد، في كثير من الدول، من المبتعثين وغيرهم، الذين عكسوا صور التضامن لمكافحة هذا الوباء، بالعمل والتفاني والصبر المستمر من أجل البقاء لمساعدة زملائه بكل إنسانية، وهذا ليس بغريب على أبناء الوطن وبناته وجودهم في الصفوف الأمامية لأداء واجبهم الإنساني، إنهم أبناء مملكة الإنسانية.
كل التحيَّة لجميع الأطباء بلا حدود، وكل التحيَّة للأطباء السعوديين الذين شكَّلوا قاعدة علمية وإنسانية مهمة حتى باتوا مرجعاً لتدريس غيرهم من الأطباء بكل مكان، مختتماً كلماتي بوقفة لأبيات من الشعر استوقفتني:
قل للطبيب إذا ما جئت تنصحُهُ
كن يا طبيب قبيل الطبِّ إنسانا
نصف الدواء بثغرٍ منك مبتسمٍ
يسقي العليل، على الآلام تحنانا
أحسن إليهِ إذا ما كان ذَا عَوزٍ
فالله يجزي على الإحسانِ إحسانا