د. سليمان بن محمد العيدي
فقدت المملكة والعالم الإسلامي أحد علمائها الأجلاء؛ فضيلة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان بعد حياة قضاها -رحمه الله - في خدمة دينه ثم مليكه ووطنه وأُمّته. رحل العلاَّمة الشيخ الجليل وقد عَرفُتُه في مواقف تجعلني أتذكّر اليوم هذه الشخصية الإسلامية الكبيرة بما عرفُته عنه من حرصه على القضاء بعدل والفُتيا بالدليل وإعلان الحقّ في مواضعه في رحلةٍ تكلَّلت بالعطاء ومن خلال مجالسه العلمية ودروسه في الحرم المكي الشريف وإثرائه للمكتبة الإذاعية والتلفزيونية تجده يوماً في جامع يلقي محاضرة ويوماً في جامعة يناقش رسالة علمية وفي أُخريات يسجِّل برامجه الإذاعية والتلفّازية، ويناُقش العلماء في هيئة كبار العلماء بما يُحقق للأمة الإسلامية الخير والفلاح ولمْ الحظْ يوماً عليه علامة غضب في موقف رغم قلة المواقف معه لكن ذاكرتي تُحُفل -ولله الحمد - بحديث ذكريات عن شخصية هذا العالم -رحمه الله - وليس المقام مناسب لذكرها لكن أتذكر أسلوبه في الحديث مع الآخر وعلامات فقهه في الفتيا يردف الحق بالحق ليصل إلى الحقيقة جلست إلى جواره في برامج التلفزيون فكان حاضر الدليل والحجة القوية يَحْرصُ على أسئلة المشاهدين من الخارج سألته لَمَ؟ قال لأن هؤلاء يحتاجون إلى ترسيخ العقيدة والبُعد عن البدع والشِّركيات فكان -رحمه الله - حريصاً على جانب التوحيد ولم يكن يتأفّفُ من أي سؤال يطرح عليه، كذا حاله في برامج الإذاعة والمناقشات العلمية.. أتذكّر موقفه من جماعة الإخوان المسلمين في مناقشة علمية أورد الباحث فيها كلاماً (لسيد قطب) فقال كلامه فاسدٌ يَجْبُ حذفه وعدم الاستدلال به مما يدل على أنه على منهج السلف الصالح أهل السنة والجماعة -رحمه الله رحمة واسعة - كان يحرص على دقة المواعيد وثبات الموقف؛ جئتُه ذات يوم في المكتب بالمجلس الأعلى للقضاء فرد بكلمات أبوّة.. قال (الموعد بالليل في المنزل) لا في المكتب الآن نصلي الظهر.. يعُلمك -رحمه الله - ضبط الوقت والمحافظة على الصلاة بأسلوب الداعية الرحيم بأهله وأحبابه رحل عنا الشيخ الجليل وبقيت ذكراه العطرة.
رحم الله الشيخ صالح بن محمد اللحيدان، وأسكنه أعالي الجنان.