سمر المقرن
الأنوثة المتاحة هي التي تُظهرها المرأة لكل رجل.. والأنوثة غير المتاحة هي التي تُظهرها المرأة لرجل واحد.
وقد اختصرتها الشاعرة علية بنت المهدي أخت الخليفة العباسي هارون الرشيد، عندما قالت: (نحن نساء مع رجالنا ورجال مع غيرهم)، والأنوثة ليست بارتداء الملابس الفاتنة ولا بأدوات التجميل، وإنما الأنوثة هي أرواح تكسوها الأخلاق الحميدة، وجمال الروح. وبينما يسعى معظم الرجال ليلاً ونهاراً من أجل إظهار ذكورتهم ورجولتهم سواء مع النساء أو حتى أمام الرجال داخل البيت وخارجه، فالمرأة مطالبة بإظهار رجولتها مع غير زوجها وأهل بيتها، وهي مهمة صعبة لا تقدر عليها إلا تلك التي تمتلك طاقة صبر وتحمل عظمى تجعلها تتحمل آلام طلق الولادة التي قدرها العلماء بأنها تعادل آلام الحرق حياً أكثر من 27 مرة؟ وغيرها من المهام التي تقوم بها المرأة برضاء تام وصبر وأناة، فهي قادرة على إنجاز المهام المستحيلة التي توازي تخيل البعض أن الرجل مطالب أن يكون أنثى في التعامل مع النساء؟ وهو شيء مستحيل كاستحالة صعود الجمل للنخلة كما يقولون، فالمرأة بفضلها وعفتها تنجح في أن تنفذ ما قالته أخت هارون الرشيد فلا تصبح فريسة سهلة لمن في قلوبهم مرض أو المتنمرين ضد النساء حتى أن البعض منهم يظن أن المرأة التي تبتسم في وجوه الآخرين سيئة السلوك أو أنها «سهلة» في الوقت ذاته المرأة غير المحجبة يعتقد «المرضى» أن أبوابها مفتوحة له ولغيره، فيطلقون سهام أكاذيبهم وخيالاتهم المريضة، وبالتحدي تصبح المرأة قادرة على وضع الحدود لتصبح رجلاً مع الرجال ليس تعظيماً للنوع الذكوري، ولكنها لتمتعها بقدرات خارقة تجعلها رجلاً مع أعتى الرجال قوية صلبة تناطح وتنافس وتتفوق، فتحقق نجاحاتها في مجال عملها وتكون شريكاً أساسياً في رفعة الوطن، وتقدمه مع الحفاظ على عفتها وأخلاقها. في حين تفح أنوثة وحناناً في بيتها كزوجة وأم وشقيقة وابنة تتوج الابتسامة شفتيها دائماً.
وفي غمرة قسوة الحياة والعمل وشؤون المنزل ودوامة الحياة قد تفقد بعضهن أنوثتها داخل البيت وخارجه على حد سواء، فتصبح المرأة المسترجلة التي تظن أنها يمكن أن تستغني عن الرجال بقوتها وشخصيتها ومالها، ولهذه النوعية من النساء عليها أن تحرص على الاهتمام بمقومات أنوثتها حتى لا تضيع مع زحام الحياة مع تنمية القدرات التي ترسم لها طريق التعامل بأنوثة أو رجولة تبعاً للمواقف التي تواجهها!
وإذا ما فقدت المرأة أياً من هذه المقومات فعليها ألا تستسلم لذلك ولتكافح وتتمرن على استعادتها من جديد لتعود لفطرتها التي فطرها الله عليها من أنوثة ورقة ودلال في منزلها.. وتدعم مقومات رجولتها خارجه حتى لا يظن ضعاف النفوس أنها سهلة أو رخيصة.