محمد سليمان العنقري
انقطاع طويل فرضته جائحة كورونا عن الحضور للمدارس لطلاب التعليم العام خصوصاً المرحلة الابتدائية وأيضًا رياض الأطفال، ففي بداية العام الدراسي الحالي تمت عودة طلاب المرحلتين الثانوية والمتوسطة وفق إجراءات احترازية كان على رأسها الحصول على جرعتي لقاح حيث يمكن لكل من تجاوز عمره 12 عاماً الحصول عليها، وهو ما سهَّل إتمام الحضور لهاتين المرحلتين، بينما تم تأجيل المرحلتين الأوليتين نظراً لعدم وجود لقاحات تناسب أعمار من هم دون 12 عاماً سابقاً ولصعوبة تطبيقهم أو التزامهم بالإجراءات الاحترازية الأخرى نظراً لصغر أعمارهم، وقبل كل ذلك لم تكن قد وصلت نسبة المطعمين بالمجتمع إلى 70 بالمائة وهي النسبة التي توصف بأنها تحقق حماية مجتمعية تحد من تفشي الوباء والأهم تقليل حدة الأعراض لمن يصاب به.
أما واقع الوضع الصحي بالمملكة بمواجهة الوباء في المملكة فهو بأفضل حالاته بعد ارتفاع نسبة الحاصلين على جرعات لقاح كاملة لأكثر من 70 بالمائة وكذلك ارتفاع الوعي المحتمعي بالتعامل مع الوباء والتقيد بنسب كبيرة بالاحترازات، فكل ذلك ساعد بعودة طلاب المرحلتين الثانوية والمتوسطة للحضور بالمدارس وهيأ الأجواء لعودة المرحلتين الابتدائية ورياض الأطفال للحضور بدلاً من التعليم عن بعد، حيث استمر الانقطاع لعامين لهم، إذ إنه لا يمكن انتظار نهاية حالة الوباء مع استمرار المتحورات حتى تتم عودة كافة المراحل للتعليم الحضوري، وهذا ما توصلت له وزارتا التعليم والصحة وأخذ به آراء الخبراء في المجالين التربوي والصحي بحسب ما أُعلن ووضعت كل التدابير والإجراءات المناسبة لتحقيق أفضل عودة آمنة لهم وللكوادر التعليمية والإدارية كما أن إنتاج لقاحات تناسب الفئات العمرية بين 5 أعوام إلى 11 عاماً والذي بدأ إعطاؤه لهذه الفئات في كثير من دول العالم سيكون داعمًا كبيرًا إذا ما بدأت حملة لإعطاء لقاحات لهذه الفئات في تحصين المجتمع وتقليل تفشي أو آثار هذا الوباء الذي عطل البشرية عن العمل والتعليم الحضوري، كذلك بفترات متفاوتة عالمياً، فالجهات المعنية ووفق كل الدراسات قررت العودة للحضور لهاتين المرحلتين بعد أسبوعين وتحديداً في 23 يناير الحالي بناءً على عدم إمكانية الاستمرار بالتعليم عن بعد إلى ما لا نهاية، حيث إن الحاجة لذلك تقلصت كثيراً وأن البقاء بالتعليم عن بعد له أيضاً أضرار اجتماعية وتعليمية على الطلاب لهذه المراحل ولا يمكن تعويض الفاقد التعليمي إلا من خلال التعليم الحضوري.
فالعالم بات يتجه للتكيف مع التحديات التي فرضها هذا الوباء، كما أن منظمة اليونسيف للطفولة أكدت أهمية التعليم الحضوري حيث ترى أن المدارس آخر ما يجب أن يقفل وأول ما يجب أن يعود للعمل خلال الجائحة، ولكن مع حرص الجهات المعنية بالسعودية على سلامة المجتمع كان هناك تأنٍ وحذر شديد بالتعامل مع كل مراحل الجائحة جنبت المملكة موجات التفشي التي ضربت العالم، وبالتوازي كانت حملة اللقاحات ناجحة وأوصلت المجتمع للمنطقة الآمنة وهو ما ساعد على اتخاذ القرار بالعودة الحضورية لهذه المراحل التي بات العديد من الأهالي يطالب بها وفق من نسمع من آرائهم بوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، حيث للحضور بالمدارس دور برفع مستوى التعليم لهذه الفئات وكذلك يساعد في توظيف طاقاتهم بالشكل الأفضل وله أثر إيجابي على سلوكياتهم من حيث بناء العلاقات مع زملائهم وتوسيع دائرة نشاطهم المجتمعي، بل ورفع مستوى المناعة لهم بدلاً من أن يكون المنزل هو المكان الذي يقضون به أغلب أوقاتهم، لكن نجاح هذه العودة يتطلب جهودًا مشتركة بين المدارس والأسر، إذ لا يمكن أن يتحقق النجاح بالعودة الصحية إلا بجهود يتضامن بها المجتمع مع الجهات الرسمية، فرغم الاستعداد من قبل وزارة التعليم بكل الأدوات والإجراءات وتوفير المستلزمات الطبية من معقمات وكمامات ووضع آليات وبرامج وبروتوكلات محددة لتلك العودة إلا أن دور الأهالي مهم جداً بتهيئة أبنائهم ورفع مستوى الوعي لديهم من خلال الإرشادات المعلنة والمتابعة اليومية معهم للوصول لمرحلة التكيف من قبل الطلبة بالالتزام بالإجراءات.
لا شك أن عودة طلاب المرحلتين الابتدائية ورياض الأطفال للحضور تحمل تحدياً كبيرًا للأهالي وتتطلب منهم تهيئة أبنائهم لها، فهذه العودة ولقرابة ثلاثة ملايين طالب وطالبة كانت ستحدث بنهاية المطاف لأن التعليم عن بعد هو حالة طارئة واستثنائية، وستكون هذه التجربة الناجحة مستمرة ببعض الخدمات ويلجأ لها عند الضرورة لكنها لم تكن بديلاً دائماً، لأن التعليم الحضوري له منافع كبيرة وهو الأساس في العملية التعليمية، وبكل تأكيد هناك تحديات وصعوبات منظورة لهذه العودة إلا أن الواقع اليوم أفضل بكثير مع إنتاج وتوزيع اللقاحات والخبرات التي تراكمت بالتعامل مع الوباء، ولابد من الانتقال للعودة الكاملة للحياة الطبيعية لفئات المجتمع كافة وبمختلف الأنشطة، وهو ما قامت به المملكة تدريجياً وتم تجاوز الكثير من التحديات، ولعل هذه المرحلة من أدق المراحل ونجاحها مسؤولية مشتركة من أطراف المجتمع كافة.
ونسأل الله أن يحفظ الجميع.