د. محمد عبدالله الخازم
كتبت عام 1998م مقترحاً على جامعة الملك فيصل (قبل تحولها إلى جامعتين؛ الملك فيصل والإمام عبدالرحمن) بتأسيس مركز لدراسات المرأة، وذلك عبر مجلة الشرق التي كانت تصدر آنذاك من المنطقة الشرقية. لم يؤخذ الأمر في الاعتبار لأسباب منها عدم اهتمام الجامعات بالمراكز البحثية البينية، وكون الفكرة تأتي من كاتب يتحسسون من اقتراحاته بسبب غضبهم من انتقاداته، والأهم من ذلك تواضع القوى الحاملة للواء تمكين المرأة ودراسة قضاياها المتنوعة في زمن له أدلجته الطاغية آنذاك والتي لا تسمح بمثل تلك الفكرة.
مؤخراً، أعلن تأسيس مركز الأميرة سارة لأبحاث ودراسات المرأة في جامعة الأميرة نورة وقد حظي بدعم وكرم القيادة في تأسيسه وتمويله. لا علاقة لاقتراحي بهذا المركز، فما اقترحته كان قبل تأسيس الجامعة وقبل عمل بعض قياداتها في المجال الأكاديمي، عطفاً عن كونه نشر في مجلة محلية انقرضت وقليل من يتذكرها. لكنني أستعيده كمؤشر على تطور مسيرة الاهتمام بالمرأة السعودية في بلادنا، حينها لم يكن مسموحاً للفتاة بدراسة بعض التخصصات الأكاديمية ولا احتلال منصب قيادي في التعليم ولا في مجلس الشورى ولا غيره من القطاعات. بل أذكر أنني كتبت في عام 1996/1997م مقالات عن رياضة المرأة ومن ضمنها مقال بعنوان «شارع الحوامل» هوجمت على إثره من قبل البعض لأنني طالبت بتأسيس مراكز رياضية للسيدات والفتيات بدلاً من منظر سيرهن في الغبار والشمس في ما كان يعرف بشارع الحوامل (سور وزارة التعليم قبل بناء مقراتها). وفي عام 2006م هوجمت مرة أخرى بسبب لقاء في قناة العربية امتدحت فيه إقدام كلية دار الحكمة على تأسيس نشاط رياضي داخلها. وحتى قيادة المرأة كانت المطالبات تتم على استحياء لدرجة بروز مقترحات مرحلية كتلك التي تقترح السماح للموظفات فقط بالقيادة. تجاوزنا تلك التفاصيل وبعضها أصبح مضحكاً للأجيال الحديثة حيث المرأة تحظى بكثير من الامتيازات أسوة بالرجل. أتوقع بأن مركز الأميرة سارة لبحوث المرأة لن يغفل توثيق مسيرة التطور عبر دراساته المختلفة.
تحية إلى جامعة الأميرة نورة وقيادتها، في محاولة التميز بهويتها الخاصة بها على مختلف الصعد... جزء من صنع الهوية يمثله التميز في حقل أو حقول تتفرد بها الجامعة وينشأ من طبيعتها واهتماماتها وصورتها الذهنية المجتمعية والإدارية، ولكونها جامعة نسائية فهي تبعث رسالة بأنها تعتني وتتميز بدراسات وبحوث المرأة في بلادنا، ضمن اهتماماتها الأخرى ذات العلاقة بهويتها وشخصيتها ورؤيتها.
رسالة أخيرة، شجعوا الجامعات على تبني مبادرات مختلفة، لا تجبروا الجميع على اتباع قوالب موحدة في أدق التفاصيل. امنحوا الجامعات الفرصة للإبداع والتنوع، كل بمبادراته الخاصة به والمتسقة مع هويته وتميزه وليس بجعلهم نسخاً مكررة من بعضها البعض. قياس التميز لا يكون بتطبيق معيار رقمي واحد (التصنيف مثلاً) يضغط على الجميع ليسعوا إليه مهملين بقية المعايير والمبادرات، وإنما بتحفيز التنافس القائم على التمايز أو تميز كل جامعة بهوية/ بحقل أكاديمي أو بحثي/ بمبادرة مختلفة عن غيرها، إلخ.