ما أكثر الأمراض التي حلت بنا، أو زدات شراسة عن ذي قبل. وسأتناول مرضين خطيرين: أولهما: داء شرس يفتك بالأمة، ويقضي على الوحدة بين أفراد المجتمع، يعصف بكل جميل، إنه سوء الظن، ومن أراد أن يلتزم أمر الله وشرعه؛ فليبتعد عنه، وكيف لا؟ وربنا يقول: إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ، ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إيَّاكم والظنَّ, فإن الظنَّ أكذبُ الحديث».فسوء الظن إثم عظيم، لا بد أن يتحاشاه العاقل، فبدل أن تلصقه بأخيك يمكنك أن تتحلى بإيجابية؛ فتقدم له النصيحة متى احتاجها. لا يكن همك أن تفضحه، أو حتى تكتم في نفسك وتظن به الشر، فهذا ما فرّق بين الإخوة والأزواج والأقارب والجيران، وهذا مما لا يكاد يسلم من ضرره أحد.
ثانيهما: التعجل في إصدار القرارات، فيا من تتعجل تذكر كم من طلاق حدث بسبب التعجل، وكم من قطيعة، بل كم حصد من هتك للأعراض وقتل وغيرها من الجرائم والمفاسد من جراء التعجل في القرارات، وأيضاً له دور في تفويت المصالح، فهناك الكثير من المصالح ضاعت على صاحبها بسبب ذاك التعجل. ويزيد الطين بلة إذا صاحب تعجل القرارات الحكم على الآخرين، ورميهم بما ليس فيهم وهم منه براء. إن سوء الظن وتعجل القرارات إذا اقترنا فتلك كارثة كبرى، وما أجلها من كارثة! فإلى متى ستظل هكذا، أما تحاول أن تعالج جرحك وتقتل داءك؛ فتبدل سوء ظنك بحسن الظن، وتتمهل في قراراتك.
إن ما يكسبه المجتمع جراء سوء الظن، وتعجل القرارات من هتك الأستار، والبغض، والنبذ، والظلم، والحقد، وعدم الاحترام لكفيل أن يجعل كلاً منا يعيد حساباته، ويقلع عن سوء ظنونه وتعجل قراراته، ويقول بعد ندمه وتركه لهما غفرانك ربنا وإليك المصير.