بتول شبر
صناعة الترفيه إحدى الصناعات التي يتنوع أثرها الاقتصادي بين الأثر المباشر وغير المباشر، الناتج عن العلاقات العامة وتغيير صورة المجتمع إلى مجتمع جاذب للأجانب مرحب بالمقيمين. حيث من الواضح أن تحديات الاستثمار في الخليج بالتوجه إلى فن صناعة الترفيه لما لها من الأثر الاقتصادي المباشر على الاقتصاد المحلي.
وقد شملت صناعة الترفيه قطاعات الاستثمار في السينما والتلفزيون، المسرح، والحفلات الموسيقية والغنائية والألعاب والمعارض والأوبرا والعروض والموضة والألعاب الإلكترونية والفنون الاستعراضية والترفيه الرقمي والرياضي والمعالم السياحية. وتبلغ صناعة الترفيه في الاقتصاد العالمي 1.8 تريليون دولار ومن المتوقع وصولها لـ2.2 تريليون في 2022 أي ما يفوق حتى الاستثمارات الصناعية.
حيث من الواضح أن توجه العنصر الشبابي إلى صناعة الترفيه لما له من مردود مباشر سريع يتناغم مع طبيعة متطلبات الجيل الحديث وشخصيته حيث إن صناعة الترفيه قد وفرت آلاف فرص العمل للشباب وقد يمتد تأمين توفير هذه الفرص إلى 10 سنوات قادمة مع زيادة نسبة استهلاك السلع والخدمات المصاحبة للفعاليات الترفيهية. حيث إن الاستثمار الترفيهي يحتاج تمويلا حكوميا وخاصا، محليا وأجنبيا في آن واحد، ومن المؤمل أنه خلال الـ10 أعوام القادمة بعد ضخ هذه الأموال في صناعة الترفيه قد تسهم بفوائد أكبر من شأنها أن ترفع من النمو السنوي للاقتصاد المحلي خاصة الاقتصاد غير النفطي.
حيث من الواضح حسب معدلات الربح المتعارف عالميا عليها فإن الربح في المجال الترفيه مقابل كل 10 ريالات تنفقها الحكومة في صناعة الترفيه تجني مقابلها أكثر من 20 ريالا أي 100 % ربح وأكثر حسب المعلن.
وقد تخطت الفوائد من صناعة الترفيه حاجز الأرقام المباشرة إلى مردودات غير مباشرة منها وقف تسرب الأموال خارج المملكة، واستخدامها في استثمارات بالمملكة والتنوع وعدم الاعتماد على النفط وفتح مسارات جديدة لاستثمارات الحكومة والقطاع الخاص. بالإضافة إلى تحقيق السلم الاجتماعي والاستقرار وإتاحة متنفس للشباب بما أنهم أساس التوجه الجديد لريادة الاقتصاد حسب رؤية المملكة العربية السعودية 2030 وحقبة العهد الزاهر لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي عهد المملكة حفظه الله ورعاه.
تعد الثقافة الترفيه من مقومات جودة الحياة بل إنها من أهم المرتكزات الاقتصادية في رؤية المملكة 2030 ولا يقتصر أمرها على دعم إيجاد خيارات ثقافية وترفيهية متنوعة تتناسب مع الأذواق والفئات كافة بل ستلعب دوراً اقتصادياً مهماً من خلال توفير عديد من فرص العمل، كما ستشرف على نص الرؤية نفسه، وهو الأمر الذي لا يكاد يميزه أو يحلله الكثيرين، بسبب حداثه الاستثمار التي أبهر كل الخليج وجعلت من موسم الرياض ومنطقة بوليفارد الرياض كتايمز سكوير نيويورك الخليج!
الأمر الاستثنائي الذي لا يدركه الكثيرون بوصف الاستثمار السياحي أو ترفيهي بوصفه بأنه خسارة وهو على العكس تماما، حيث إن تشييد منطقة البوليفارد وموسم الرياض مع معظم المسارح في زمن قياسي حدود 8 أشهر إنشائية تحدى فيه أعاجيب البلدان بالإضافة إلى استقطاب حدود المليون زائر يوميا يعزز فرضية ما أصفه من مردود مقابل عدم صعوبة المراحل الإنشائية بسبب توافر المساحة اللازمة والإمكانات التي أطلقها صندوق الاستثمارات السعودية وتوافر أعلى مستوى تكنولوجيا التعمير والإنشاء.
سباق صناعة الترفيه التي نشهدها في الخليج العربي، حق استثماري مشروع لاستقطاب أعلى مستويات الإيرادات وتنشيط السياحة خصوصا بعدما جعلت المملكة العربية السعودية نفسها الأولى صناعيا، وها هي الآن تعيد الاستحقاق بإعادة نجاحها الباهر في جعلها الأولى سياحيا وترفيهيا على مستوى الإقليم مما يزيدها عظمة .
لكن المفارقة العجيبة أن حتى وقت قريب، كانت قوة الدول تقاس بمدى إسهامها في الإنتاج الصناعي. والحال أننا على أبواب الدخول إلى عصر جديد، عماده الذكاء الاستثماري. وستحدث تغيرات توازي أو تكبر عن تلك التي أحدثتها الثورة الصناعية، والنتيجة المنطقية أن صناعة الترفيه ستكون ليس فقط صناعة المستقبل، بل من محركات الاقتصاد الأساسية. ولعل قياس قوة الدول سيكون بمدى إسهامها في هذه الصناعة، ولربما مستقبلا من يتوجب عليه إحياء حفل أو فعالية في موسم الرياض من مغنين ومشاهير يجب عليه أن يدفع بدلا من يدفع له بسبب حجم النجاح والدعاية والشهرة التي سوف يتحصل عليها من خلال ذلك!
** **
سيدة أعمال - مملكة البحرين