رقية سليمان الهويريني
بعد صدور الأمر الملكي الكريم بتعزيز دور هيئة مكافحة الفساد؛ تبعه الإعلان عن القبض على متنفذين حاليين وسابقين من أمراء ووزراء ومشايخ ورجال أعمال ومدنيين وعسكريين بما يشير إلى ولادة عصر جديد من الشفافية والمحاسبة والحوكمة لإعلاء قيم النزاهة والعدالة، وهي سنام الشرف الذي يزيد من اللحمة الوطنية ووقوف المواطنين مع قيادة الوطن لاستئصال شأفة الفساد الذي أنهك البلاد وبدد ثرواتها.
وإن كانت عاصفة الحزم بدأت عسكرياً بدحر المعتدين على الحد الجنوبي من بلادنا، ثم تلاها محاربة حزب الإخوان الفاسد، فإنها لن تقف سياسياً على قهر المتاجرين بالدين ممن يقفون أمام تقدم بلادنا، ولن تنتهي بالقضاء على تجار المال الحرام فحسب؛ بل إن التطهير سيستمر حتى نصل للدرجة التي يكون الضمير يقظاً وخائفاً دون ردع بشري أو متابعة إدارية، وستصل بلادنا بحول الله وقوته ثم جهود القيادة لمرحلة تأصيل وزرع الإصلاح والنزاهة من خلال تدريسها على مقاعد التعليم، ومن لا يرعوي تتم مقاضاته ومحاربة هذه الآفة الخطيرة، لأن محاربتها أهم مرحلة في منظومة الإصلاح المالي والإداري، ومن لا يردعه ضميره وخوفه من الله يلزم ردعه بقوة القانون والسلطان.
وطالما كانت بلادنا تتطلع نحو العلا بلا حدود؛ فإن الطموح لم يكن يوماً صاحباً للفساد الذي يعطِّل التنمية والتطوير ويفت من عضد الوطن، لذا كان لا بد من استئصاله من الجذور لنحقق العدالة التي تُقام عليها نهضة البلاد، وفيها يحصل على حقوقهم العباد.
وكلما قرأت بيانات نزاهة التي تكشف الرشوة وغسل الأموال والاستيلاء على المال العام وحتى تجاوز الأنظمة بإسقاط الغرامات أو المخالفات أو الحصول على تسهيلات بمبالغ زهيدة؛ أحمد الله كثيراً؛ لأنه سيجعل الباقين يرعوون ويخافون أن تطالهم يد التأديب!
وأرجو أن لا يعول على التبليغ أو جهود الهيئة فقط، بل تشكَّل لجان ناشطة بكل القطاعات الحكومية والخاصة كالمستشفيات والمدارس والبنوك والشركات لتسهيل رفع الشكاوى ضد المفسدين، وضمان عدم الإضرار بالمبلغين عن حالات الفساد المالي والإداري والأخلاقي!
وفي كل بيان تصدره الهيئة؛ أخاله رعباً على الفاسدين، وسلاماً للمواطنين، فشكراً للملك وولي عهده. وهذا الأمر يحقق مقولة «لا أحد فوق القانون، ولا واحد عروقه بالماء»!