خالد بن حمد المالك
كانت بلادنا وعلى امتداد تاريخها أحرص ما تكون على حقوق وحماية مواطنيها في الخارج كما في الداخل من أي إساءات يتعرضون لها، وتتخذ المواقف المناسبة مع الدول التي لا تتعاون معها في تحديد هوية المسيئين للمواطنين السعوديين، إلى الحد الذي يصل أحياناً إلى قطع العلاقات، أو إيقاف أي تعاون ما لم تستجب هذه الدول لمطالب المملكة.
* *
ومن ضمن هذه الدول مملكة (تايلند) التي شعرت بالآثار السلبية عليها في ظل توقف أي تعاون بين المملكتين، ما لم يتم تحقيق مطالب بلادنا بالوصول إلى الإرهابيين الذين يقفون خلف الحوادث المأساوية التي وقعت لمواطنين سعوديين في مملكة تايلند بين عامي 1989م و1990م ويُتخذ بحقهم الإجراء المناسب.
* *
صحيح أن حكومة تايلند أعربت عن أسفها إزاء تلك الحوادث، وأكدت حرصها على بذل الجهد لحل تلك القضايا، ورفعها إلى الجهات المختصة في حال ظهور أدلة جديدة وجيهة ذات صلة بهذه الحوادث، إلا أن المملكة وإن رحبت بذلك، فقد تمسكت بحقها في القضايا السابقة المرتبطة بتلك الحوادث، ولم تتنازل عنها، حتى وإن مضى عليها ثلاثة عقود.
* *
وخلال متابعة المملكة لهذه الحوادث المؤسفة تبين لها أن هناك عدداً من المؤشرات تدل على أن هذه الحوادث يقف وراءها قوى معادية للمملكة ومعروفة بتصديرها للإرهاب، واستهدافها للمملكة ومواطنيها دون احترام للقانون الدولي، وهو ما جعل الرياض تتمسك بموقفها الضامن للوصول إلى هؤلاء، وتحقيق المحاسبة والعدالة معهم.
* *
وغداً يبدأ دولة رئيس وزراء تايلند ووزير دفاعها الجنرال «برايوت تشان أوتشا» زيارة رسمية للمملكة بدعوة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع لتعزيز العلاقات بين البلدين، وهو أمر وارد تحقيقه إذا ما تم الاهتمام بمطالب المملكة، واستيعاب وفهم الجانب التايلندي لأسباب الموقف السعودي من الحوادث المأساوية بحق المواطنين السعوديين في الأراضي التايلندية، والإصرار على معالجتها على النحو الذي يعيد العلاقات الثنائية بين الدولتين إلى ما كانت عليه قبل هذه الحوادث المؤسفة.
* *
ودولة رئيس الوزراء التايلندي يعرف جيداً أن المتضرر الأكبر في الحالة التي مرت بها العلاقات السعودية - التايلندية هي تايلند، وتصحيح هذه العلاقات وإعادتها إلى مسارها الطبيعي لابد أن يأتي من الحكومة التايلندية، لأن الاعتداء تم على أراضيها، وبالتالي فإن معالجته يجب أن يأتي منها، وهذا ما نتوقعه في هذه الزيارة.
* *
قد تفتح زيارة المسؤول التايلندي ما كان مغلقاً، وتفسح المجال أمام الحلول الطبيعية، بما يلبي مطالب المملكة ووفق الأعراف والعلاقات الدولية، وبما يحفظ للضحايا حقهم بعيداً عن إغلاق الملفات، وجعل هذه الحوادث وكأنها في طي النسيان، وهو أمر متوقع مع قيام المسؤول التايلندي الكبير بهذه الزيارة الرسمية, وبحثه عن حلول ترضي الجانب السعودي في مباحثاته مع سمو ولي العهد، وبالتالي تعود العلاقات بين الدولتين، ومعها الاستفادة من دروس الثلاثين عاماً التي مضت، وكانت العلاقات فيها مجمدة.
* *
إن دعوة سمو ولي العهد لرئيس الوزراء التايلندي لزيارة المملكة يومي الثلاثاء والاربعاء 25و26/1/2022م في هذا التوقيت المناسب تأتي انطلاقاً من حرص المملكة العربية السعودية على تعزيز العلاقات المشتركة بين بلدينا، ومدّ جسور التواصل مع جميع الدول حول العالم بما فيها تايلند، وتأتي هذه الزيارة بعد مشاورات - كما يبدو - نتج عنها تقريب وجهات النظر في العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك بين بلدينا، وحرصاً - كما جاء في بيان وزارة خارجية المملكة- على استمرار التشاور والتنسيق، وتبادل وجهات النظر حيال تلك القضايا.
* *
أهلاً بالضيف التايلندي في زيارته لدولة يعرف دولته جيداً مكانتها العالمية، وثقلها السياسي والاقتصادي، وحرصها على حقوق مواطنيها، وفي مقابل ذلك ترحيبها بالعلاقات مع مملكة تايلند والتعاون معها في مكافحة الإرهاب، ومد جسور التعاون اقتصادياً وسياسياً وأمنياً بين المملكتين.