استوقفني رجل وقور في الستينيات وأنا خارج من المستشفى، وبجانبه شاب في مقتبل العمر لم يكمل عقده الثالث وقال لي دكتور.. كيف حالك، عرفتني.. توقفت ملياً أنفض عن ذاكرتي عناء ذلك اليوم الذي قضيناه على الأسرة البيضاء وعليها عدد غير قليل من المرضى المنومين في العناية المركزة.
قال مبتسماً مستبشراً دكتور هذا مشعل الذي أمضى عندكم في العناية المركزة أكثر من شهرين وهو على التنفس الاصطناعي إثر حادث سير أليم، هو الآن كما ترى يمشي إلى جانبي صحيح الجسم وما عليه إلا العافية.
لا تتصورون كم كانت فرحتي عظيمة، خاصة بعد أن استأذنني ليزور العناية المركزة التي رقد فيها مريضاً ليشكر الطاقم الطبي الذي أشرف على علاجه طوال فترة إصابته، وكذلك ليزور إخوة له ما زالوا يعانون من المرض، وليحمد الله على خروجه من المستشفى معافى، تنقلت معه من سرير لآخر لأشرح له أن هذا المريض مصاب برض شديد على الدماغ إثر سقوط من شاهق، وذلك نقل إلى المستشفى إثر حادث سير، وآخر مصاب بجلطة قلبية قيد العلاج، إلى جانب بعض الغرف التي تم عزلها حسب توصيات الهيئات الطبية المحلية كالسباهي (CBAHI)، والعالمية كالهيئة العالمية للاعتراف الكندي (ACCREDITATION CANADA)، والأسترالي (ACHSI)، والأميركي (G.C.I)، والبريطاني (IBSC).
تذكرت كم كان والد هذا الشاب عجولاً عندما كان ابنه منوماً لدينا، ففي كل زيارة يسأل متى يتحسن ولدي يا دكتور، وهل هناك حاجة لنقله إلى مستشفى آخر، أم عندكم الإمكانات الكافية للعلاج، وها هو الآن معافى في بيته بعد علاج استمر أكثر من شهرين، بإشراف الفريق الطبي المؤهل من الاستشاريين والأخصائيين بالاختصاصات كافة.
ولا أبالغ إذا قلت إنني اليوم استوقفتني إمرأة مع ولدها الشاب لتقول لي يا دكتور.. ألم تعرفني، أنا التي كنت منومة عندكم لأسبوعين في العناية المركزة، وأنا اليوم أمشي على قدميّ، فشكراً لعنايتكم الحثيثة، وهذا ما جعلني أستبشر خيراً ودفعني على الفور لكتابة هذه السطور.
تمنياتي بالشفاء العاجل لكل المرضى، ولذويهم الصبر وعدم التعجل، لأن المرض يأتي فجأة، ولكن الشفاء يحتاج إلى شيء من الصبر والتمهل، وعادة ما يحاول المستشفى بطاقمه الطبي والإداري ألا يوفر جهداً، يساعد المريض على الشفاء وبأسرع وقت.. بإذن الله.
** **
- أخصائي التخدير والعناية المركزة