رمضان جريدي العنزي
«الحياة لا تعطي دروساً مجانية لأحد، فحين أقول إنّ الحياة علمتني تأكد أني دفعت الثمن»، قالها «ألبرت أينشتاين»، للحياة لون مختلف، وشكل مختلف، وطعم مختلف، الحياة تلال و»سواقي» ودروب وجبال، وضوح وعتمة وضباب، نهر وبحر وبيد، فسحة وسراب، وانتظار طويل، تنهيدة وريح، ثلج ولهب، رحلة طويلة من لحظة الانبثاق، لغاية الدفان، مدهونة بالسعادة وبالشقاء، مسكونة بالبكاء، وعابقة بالفرح، حافلة بالحقيقة، ومترعة بالخرافة، بالناس الأسوياء، وغير الأسوياء، مرة تجيء الحياة لاذعة كدموع، ومرة شفافة كبكاء الرضيع، مرة صافية كالينابيع، ومرة قاتلة كصقيع الشتاء، مرة ناعمة كالحرير، ومرة كالشوك وكالسهام، مرة كالسنونو، ومرة كالعقاب، مليئة هي الحياة بالتناقضات الكبيرة، ملغومة بالريح وبالعواصف الحارقة، ومزدانة بالفرح وشهقات الانتصار، هي الحياة بسمة ثغر، وأخرى دمعة في حدقة العين، ورد ونهر وصباح ندي، وزلزال يهز الفضاء الطويل، أوسع من مدار، وأضيق من خرم إبرة، نسيم عذب، وريح حارقة، وقصيدة من غير قصيد، غيوم، وخيوط مطر، وأقحوان غريب في فصل الشتاء، سفر وسحر، وحدة وكآبة، انفعال وجنون، وعقل وحكمة، نوارس، وبحر كئيب، نجمة ليل، ونجمة ضحى، جمال وقبح، نوارس وبحر، وبيد قاحلة، ربيع وقحط، شجرة عارية، وأخرى يانعة، هي الحياة ألطف من غزالة في غابة، وأشرس من ذئب في فلاة بعيدة، وأخدع من ثعلب ماكر، وأجمل من سحابة هاطلة، صهوة وجد، وحلم مستباح، شمس صباح، ووحشة ليل، قنبرة حالمة، وأفعى سامة، قصيدة منفى، وعذاب متوج، وسيف مهيب، وغابة من نار، هديل جميل، ولحن بهي، وياسمين في خميلة، جحيم سدوم، وتجارة خاسرة، وحلم يرفرف على جناح اليمام، وريح خزام، هي الحياة كذئب جريح، كثير المتاعب، ليس في نفسه غير العواء، أو كفراشة ترقص في الصباح، أو كغيمة ماطرة، هي الحياة تناقض غريب بين انبثاق النور، وعتمة الظلام، مثل ناي يعزف قرب بحيرة، ومثل بقايا رماد، تلك هي الحياة ما شاء الله لنا، لا ما يشاؤه الآخرون، تفاحة كانت، أو صبارة تكون.