فدوى بنت سعد البواردي
يتطلب التفكير الريادي والابتكاري الناجح، على مستوى رواد الأعمال، تنفيذ مجموعة من العمليات الشاملة لهيكلة المؤسسات التي يديرونها ويقومون بتنظيمها. ومما لا شك فيه أنه لا توجد صيغة مؤكدة للنجاح، لا سيما عندما يتعلّق الأمر بالريادة والابتكار، إلا أنه توجد مؤشرات قوية لوجود علاقة سببية بين بعض السمات وابتكارات المؤسسات الناجحة. وإذا قام رواد الأعمال بدمج وتطبيق هذه السمات أو الأساسيات، وفقاً لسياقهم الخاص وقدراتهم وثقافتهم التنظيمية واستعدادهم للمخاطرة، فإنها ستزيد من احتمالية نجاح تفكيرهم الريادي والابتكاري. وفي العصر الرقمي، أصبحت وتيرة التغيير مفرطة السرعة، لذا يجب على المؤسسات أن تطبّق العوامل الإبداعية والإستراتيجية والتنفيذية والتنظيمية بطريقة صحيحة.
والسمة الأولى هي «الطموح»، ولذلك فإن تحديد «هدف نمو ابتكاري» والطموح لتحقيقه وجعله جزءاً واضحاً من الخطط الإستراتيجية المستقبلية، يساعد على ترسيخ أهمية الابتكار والمساءلة عنه. ويجب أن يكون الهدف نفسه كبيراً بما يكفي لإدراج الاستثمارات الابتكارية في خطط الأعمال. وكمثال، فقد وضع كبار المديرين التنفيذيين، في إحدى المؤسسات الزراعية العالمية الكبرى، رؤية طموحة وخطة إستراتيجية مرتبطة بأهداف نمو مالية ابتكارية، وهي تحقيق: نمو بنسبة 6 في المئة في الأعمال الأساسية و2 في المئة نمو في مشاريع عضوية ابتكارية جديدة، كالأطعمة مسبقة الصنع.
أما السمة الثانية فهي «الاختيار»، حيث إن الرؤى الجديدة والخلاَّقة لا تقدَّر بثمن، ولكن يواجه رواد الأعمال صعوبة في تحديد الأفكار الابتكارية التي تدعم تلك الرؤى ونطاقها. وبلا شك، فإن الإبداع بطبيعته محفوف بالمخاطر، ولذلك فإن إدارة المخاطر تتيح أقصى استفادة من مبادرات الابتكار. ويجب على رواد الأعمال خلق مساحات للفرص التي يريدون استكشافها.
ونأتي للسمة الثالثة وهي «الاستكشاف»، حيث يتطلب الابتكار أيضاً تبني رؤى قابلة للتنفيذ ومميزة تجذب العملاء، وتجلب فئاتاً وأسواقاً جديدة إلى حيز الوجود، وهذا ما يطلق عليه إستراتيجية «المحيط الأزرق».
وأما السمة الرابعة فهي «التطور»، ولذلك فإن ابتكارات نماذج الأعمال تعد جزءاً حيوياً من التفكير الريادي والتخطيط الابتكاري، خاصة نماذج الأعمال التي تقوم بتغيير اقتصاديات سلسلة القيمة، وتنوّع مصادر الربح، وتعدل من نماذج تسليم المنتجات النهائية. وعلى سبيل المثال، تقوم أمازون بتوسيع نطاقها إلى نماذج أعمال جديدة من خلال تلبية الاحتياجات الناشئة لعملائها ومورديها. وقد أدرجت العديد من مورديها في قاعدة عملائها من خلال تقديم مجموعة واسعة من الخدمات بشكل متزايد، بدءاً من التقنيات ووصولاً إلى إدارة المستودعات.
هذا إلى جانب عدة سمات أخرى للتفكير الريادي لا يتسع لذكرها هذا المقال.
كما تشير الأبحاث إلى أن رواد الأعمال الذين يتطلعون إلى إنجاح الجانب الإبداعي في مؤسساتهم سوف تزيد احتمالات نجاحهم من خلال الدراسات عن كثب واستيعاب الممارسات الرائدة للمبتكرين الآخرين ذوي الأداء العالي.
وأخيراً وليس آخراً، ومن أجل النجاح، يحتاج رواد الأعمال تذكر أنهم يجب أن يكونوا على استعداد للفشل. وعند بدء مشاريع جديدة، عليهم أن يكونوا على استعداد لتحمّل المخاطر، وارتكاب الأخطاء، والتعلّم من هذه الأخطاء وتحويلها لقصص نجاح مستقبلية.