أ.د.عثمان بن صالح العامر
طالب في المرحلة الابتدائية بمدرسة الودي الحائلية، يدخل صبيحة يوم الأحد المنصرم 20-6-1443هـ باب مدرسته التي غاب عنها طويلاً، فيستقبل القبلة ويفرش سجادته -التي جاء بها من بيته- في مدخل مبناها، ثم يكبر ويسجد لله شكراً على أن منّ عليه بالعودة لمحضنه التربوي التعليمي بكل براءة وبساطة وأدب. وتلتقط كاميرات الإدارة الموضوعة لمراقبة مدخل المدرسة هذا المشهد الرائع الذي ينم عن تربية إسلامية صحيحة، فينتشر الحدث الذي لا يتجاوز ثواني معدودة بسرعة فائقة، وتتناقله مواقع التواصل الاجتماعي بشكل غريب، ومع أن هذا المشهد لا يعدو أن يكون تعبيراً فردياً عمّا يكنه هذا الطالب المتميز الذي يستحق الشكر والتقدير والثناء منا جميعاً على صنيعه الجميل إزاء مدرسته التي يجد فيها بغيته وأنسه وسعادته إلا أن البعض ممن يغردون ويكتبون شنوا هجوماً قاسياً على الطالب ومدرسته إدارة وأساتذة ومربين، متهمين إياهم بأن هذا مشهد تمثيلي يراد منه تعزيز موقف الوزارة في إقرارها العودة للانتظام في الدراسة الحضورية. أكثر من هذا دخلوا في نية هذا الصغير، طالب الصف السادس الابتدائي بلا برهان ولا دليل، مع أن أمر النيات موكل لله عز وجل، ولا يعلم ما في القلوب إلا خالقها ومصرفها والعالم بمكنونها عز وجل.
مشكلتنا أننا نحاكم النوايا حسب ما نظنه نحن بالآخرين، دون أن نستشعر عظم الأمر وخطورته، فهذا ما تصدق لله وإنما ليقال عنه إنه كريم معطاء، سجي جواد، والآخر يصلي علشان يرونه الناس، والثالث يصور بالحرم وهو بلباس الإحرام من أجل أن يقول بلسان الحال هذا أنا العابد التقي النقي، والرابع يرسل الأدعية والنصائح ويذكر بالصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام كل يوم جمعة بغية أن نعتقد أنه المزكى الطاهر العلم، وهكذا، وهذا كله رجم بالغيب، فمكنون الأفئدة هو بالنسبة لنا غيب، أسأل الله أن يطهر قلوبنا ويقينا شر أنفسنا والشيطان ويزكينا عن أن نظن بغيرنا شراً أو نحكم على النوايا ونحاكم القلوب، دمتم بخير وتقبلوا صادق الود والسلام.