د. صالح بن سعد اللحيدان
من القول الذي يمكن طرحه على سابقة من الحاصل كانت أو تكون فلعلك أن تجلس في مجلس وحولك من تملي عليه أو عليهم فيكتب أو يكتبون عنك ما ترويه من الروايات والأخبار عن الحوادث والأنساب والقبائل.
تلقي ذلك دون تكلف لكن على السجية لاعتيادك ذلك لكثرة ما تقوم به على تطبع دون قائم من سند أو وصل ثابت مبين.
من هذا السبيل فقد يشتهر مثله فيكون من يدعوه من له مقام من حاكم أو مستفيد فهو يستنطقه وقد يعجب به فيأمر من يكتب عنه هذه الروايات والأخبار من سير العرب والعجم والأنساب والوقائع وقد وقع لي ممن اشتهر بهذا دغفل الشيباني ولعله هو نفسه دغل النسابة وهناك من قال دغفل الذهلي من هذيل الحجاز شمال غرب مكة وقد وفد على الخليفة معاوية بالشام فلما جلس إليه استأنس به لميل دغفل إلى الطرفة ومعرفة الأنساب ومعرفته بالشعر والرواية والحل والترحال وحين قفل دغفل من عند معاوية رضي الله تعالى عنه رأى دغفل أن يجمع ما حكاه في كتاب دعاه التضافر والتناصر وقيل إنما جمع عنه بعده ونسبه إليه وقد تتبعت الكتاب باسمه هذا أو ما يقربه فلم أقف على ذلك وقد يكون مخطوطاً لست أدري وحسب تتبعي لما ورد ونقل مما جاء في هذا الكتاب فإنني أبدي ما يلي:
لم أجد سنداً صحيحاً أن هذا حصل.
معاوية كان زمنه زمن التثبت والسند والاتصال لم أجده.
أشك كثيراً بكثرة ما ورد في الكتاب فيه غرائب وأساطير وبني على كثير من التخيلات ويبقى هنا لدي أن ابن قتيبة ذكره في عيون الأخبار وكذا ياقوت الحموي في معجم الأدباء بل أشار إليه الطبري في التاريخ لكنني لم أقف على السند الموصل إلى المتن كما أنه قد جاء أنه كان في زمن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لكنني لم أجده ولم أجد أنه مخضرم والمخضرم هو من كان في زمن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لكنه لم يره أبداً.
ولعل إطالة جلوسه عند معاوية هذا بحد ذاته خلل فلم أجد هذا عند أصحاب الكتب الستة ولا عند أحمد بن محمد بن حنبل ولا ابن أبي شيبة ولا مسدد بن مسرهد هذه الكتب المعنية بأخبار الصحابة كلها ويبقى المجال مفتوحاً لسواي لكن هذا حد علمي وما وقفت عليه.
وإنني لأدعو العلماء والباحثين والمحققين إلى شدة التريث وقوة التدبر وحسن التتبع وهذا سبيل قويم للإثبات والنفي والصحيح والضعيف والصواب والخطأ وليست الهيئات العلمية والمراكز العلنية ومجالس الجامعات عن هذا ببعيد.