جمال العمير
قصة حقيقية:
سأخبركم عن قصة سمعتها من صديقي وهي قصة واقعية حدثت في دمشق، عن إنسان مسجون على كرسي الإعدام.. يقسم بالله أمام الجميع أنه سيُعدم لقتل رجل لم يره ولا يعرفه، ولكنه كان يعرف بأنه سيُعدم هكذا، بل كان طوال حياته ينتظر هذه اللحظة..!
القصة أن صديقي هذا كان محامياً بجريمة قتل لأحد المتهمين، وبعد سنوات طويلة في المحاكم صدر الحكم على هذا المتهم بالإعدام.
قال لي هذا المحامي: لما أبلغته الحكم بأنه سيُعدم، تلقى الخبر بأعصاب باردة جداً، وكان هذا الرجل يؤكد لي طوال هذه السنوات أنه بريء من هذه الجريمة، ومع ذلك تلقى الخبر بهدوء ونفس راضية!!
قال لي: هذا الوضع أثار فضولي جداً، فأردت أن أحضر إعدامه.
- الآن بدأت القصة:
قال لي: صعد المتهم إلى الخشبة التي سوف يعدم عن طريقها، وقال للموجودين: أنا سأعدم الآن، وأقسم بالله أني بريء من هذه الجريمة، ولا أعرف الرجل المقتول ولم أره في حياتي كلها. ولكني قد قتلت رجلاً قبل ثلاثين عاماً!.
قال: كنت رئيس مخفر في أحد أحياء دمشق في الميدان، وجاء ضابط فرنسي أيام الاستعمار الفرنسي، أعطاني رجلاً ليُحكم عليه ثاني يوم بالإعدام، فأودعته في الإسطبل وقفلت الباب عليه، وفي صباح ذلك اليوم افتقدته، كان قد هرب من شدة خوفه.
ماذا أفعل؟!!
أخذت إنساناً بدوياً من الطريق وبعت ناقته، وأودعت ثمنها في جيبي، ووضعته مكان ذلك الرجل الذي هرب، ثم في اليوم الثاني أخذوا هذا البدوي المظلوم وأعدموه..!
فأمهلني الله على هذا الحادث ثلاثين عاماً، ثم انتقم مني بأن اتُهمت بجريمة أنا منها بريء. وأنا والله أنتظر هذه اللحظة منذ ثلاثين سنة، وكنت أعرف أنني سألقى الجزاء نفسه.
وانتهت هذه التهمة بإعدامه أمام ذهول الجميع من عدل الله.
العبرة:
الجزاء من جنس العمل، وهنا نتحدث عن إيذاء الناس
فمَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ، تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ
وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ
ومَنْ ضَارَّ ضَارَّ اللَّهُ بِه
وَمَنْ شَاقَّ شَاقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ
ومَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ.
لا يقتصر السُمّ على ما نراه، فقد تكون عملية طبخ السُمّ متقنة ومحاطة بهالة من السرية التي تبرئ الطباخ من الجريمة ولكنّ المولى عز وجل قد تكفّل بفضح عمله عاجلاً أم آجلاً.