«الجزيرة» الثقافية - مسعدة اليامي:
عملت على تغذية معلوماتي البسيطة لتنمو وتكبر في نفس المحيط والبيئة بالقراءة ومتابعة القاصين والمداومة على حضور الأمسيات الأدبية الثقافية واقتناء الكثير من إصدارات بهذا الفن الجميل، مع قراءة كل ما يقع بين يدي من كتب.
-الموهبة وحدها تكفي أو ماذِا تحتاج؟
بالنسبة للموهبة هي موجودة عند كل فرد يولد بها، لكنها تختلف من شخص لآخر مع اختلاف بيئته حسب ما ينشأ عليها وما يميزه عن غيره من الأفراد، فهي لا تكفي لأن يقال عنها موهبة حقيقية إلا بعد صقلها بكثير من المؤثرات الخارجية المحيطة به فمثلا المثقف يكون بكثرة القراءة ومتابعة كُتاب كبار ذوي خبرة عالية في التخصص، كذلك الفنان التشكيلي والشاعر والموسيقي وهكذا..وقد لا تظهر عند بعضهم إلا متأخرة.
عندما عرفتِ أنك تمتلكين موهبة الكتابة ماذا فعلت لذلك؟
عملت على تغذية معلوماتي البسيطة لتنمو وتكبر في نفس المحيط والبيئة بالقراءة ومتابعة القاصين والمداومة على حضور الأمسيات الأدبية الثقافية واقتناء الكثير من إصدارات بهذا الفن الجميل، مع قراءة كل ما يقع بين يدي من كتب (بكل تأكيد، يجب أن نكون انتقائيين، فهذا ما يعنيه أن تكون كاتباً، أن تتخذ القرارات).
ما رأيك في ذلك و هل أنتَ انتقائية في مواضيع قصصك؟
القصة تأتيني دون أن أبحث عنها، أحياناً تبدأ بفكرة موجودة ويأتي الحدث يصقلها فتشرق شمسها في مجموعة أسطر عديدة ثم أعمل على إعادة كتابتها وتشذيبها أكثر من مرة، أحياناً أتركها فترة قد تستغرق شهورا أو أياما، ثم أعود لها لأتم ما بدأته وأجدها في هندام قصصي متكامل يجذبني لأضيفها مع رفيقاتها بمذكراتي.
هناك مواضيع تجيرك على الكتابة بقوة خارجة عن إرادتك قد يكون حدث في حياتك و يهمك توثيقه، هنا يكون الانتقاء يفرض نفسه.
«اعتذار قبل الموت» اسم مجموعتك القصصية ما سبب اختيارك و من ساعدك على ذلك الاختيار؟
مجموعتي الأولى التي أعتز بها والتي كانت بدايتي وبعنوانها المرعب كما أطلق عليه بعضهم، قد يراه بعض كذلك ولكني لم أندم على هذا العنوان مررت بحادثة واقعية مع إنسان عزيز على قلبي، شعر بدنو أجله وأخذ يودعنا بكلمات التسامح والوداع...! تلك اللحظة ظهر العنوان قبل الفكرة واحتفظت به فترة طويلة وعندما توفي ذلك الغالي كتبتها بذلك العنوان ولم أغيره أبداً، عندما أرسلت المجموعة لدار النشر للطباعة، رشحت ثلاثة عناوين من بينها هذا العنوان واستشرت فيها الأديب الشاعر الأستاذ أحمد الحربي- رحمه الله- وأسكنه فسيح جناته، ورشح هو وحرمه (أم أسامة) الرائعة وابنته العزيزة (وعد) -حفظهن الله-، هذه التسمية وسرني ذلك الاختيار آنذاك وتم طباعته بإشرافه- رحمه الله- بدار النابغة بمصر.
هل ترين مريم ستكون مخلصة لكتابة القصة أم أنها تفكر في كتابة فن أدبي آخر؟
حقيقة القصة أصبحت تستهويني ولن أحيد عنها إلى فن أدبي آخر إلا إذا حصلت ظروف تجبرني على ذلك- الله أعلم- فقد كتبت الخاطرة وهي كانت بدايتي مع الأدب والقصة، لا أخفيك سرًا لقد حاولت كتابة الشعر ولم أفلح في ذلك سوى بكتابة بعض الأبيات حين توفي والدي وقد سماها بعضهم (شعر النثر).
أما الرواية منذ حوالي ثماني سنوات كتبت فيها بداية سريعة وهي العنوان لأنه يلازمني كثيرًا وهنا قد أكون خالفت في قوانين أو ضوابط الكتابة، دونت فصلا واحدا وتوقفت ولم أعد لها إلى يومنا هذا.
كيف يحافظ الكاتب على نجاحه و يحقق الانتشار بجودة عالية؟
في رأيي الشخصي تكون المحافظة أولاً: بالتواضع، فكلما كان الكاتب متواضعا اقترب منه المتلقي وعشق نتاجه الإبداعي.
ثانيًا: الحضور المستمر في الوسط الثقافي والظهور الدائم ومشاركة إبداعه الجيد ليراه الجميع، فمن اختبأ خلف غروره لن يتحقق له الانتشار.
كم من الوقت تمضين بصحبة خير جليس، وما أهم الكتب التي قرأت في حياتك؟
القراءة ليس لها حدود فهي عالم لا ينفصل عن حياتنا، كلما سنحت لي الفرصة قرأت ما يقع بين يدي دون اختيار،
أهمها بعد كتاب الله منذ بداياتي في الصف الخامس الابتدائي وبتشجيع من والدي-رحمه الله-هو كتاب كان بعنوان (سيرة الصحابة) لابن هشام، من بعدها انطلقت في القراءة بمختلف المواضيع.
الإبداع مع مسؤوليات المرأة الكثيرة كيف يجد طريقه إلى النور؟
لكل منا منهجها الخاص في الكتابة الإبداعية، مهما كثرت مسؤولياتها لن تتخلى عنه ولوكانت في أحرج الأوقات فهو عشق يلازمها كالظل، الحدث أحياناً يفرض نفسه والفكرة تظل تدور بداخلها إلى أن تجد النور؛ فإذا أحبته لن تجد المعوقات طريقًا لها، بهذا يسلك عملها الإبداعي طريقه ليضيء قلوب المتلقين.
- ما هي الخطوات القادمة في القصة و هل تشغلك القضايا الاجتماعية؟
ألمح بريقًا يوحي بسطوع القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية خاصة وفي الوطن العربي عامة، ظهر ذلك الاهتمام من بعض الأندية الأدبية بإقامة المهرجانات كما حدث في نادي الباحة الأدبي الثقافي، ونادي الحدود الشمالية الذي استمر مدة شهرين.طبيعة الحياة لا يستطيع الإنسان فصل نفسه عن المجتمع خاصة إذا كان يعيش بينهم ويرى المعاناة واضحة أمامه وضوح الشمس، لذلك ضرورة الاهتمام بالقضايا الهامة منها؛ ليس كل قضية اجتماعية تستهويني الكتابة عنها، كتبت ما يلامس هموم المرأة السعودية التي لا تستطيع البوح بها مباشرة بحكم المحظور والممنوع.
- ماذا يعني لك الإهداء و قراءة النقاد لأعمالك وفي رأيك ماذا يقدم النقد للعمل الأدبي؟
الكاتب يبذل جهده ووقته في توثيق كل ما لديه بين دفتي مطبوع جميل مهما كان عدد صفحاته أو نوعه؛ فتجده يهدي هذا الجهد الإبداعي لكل متلق يهتم به وإلا لما جاء من بعيد ليحضر توقيع منصة أو ملتقى للحصول على هذا العمل بكل اهتمام، هنا يسرني القارئ المهتم حصلت مجموعتي القصصية الأولى (اعتذار قبل الموت) على العديد من القراءات ويحضرني أسماء بعض النقاد منهم سعادة الدكتور صالح الثبيتي، سعادة الدكتور يوسف العارف؛ الأستاذ خالد خان، مع وافر الشكر لهم جميعًا.
للنقد مكانة خاصة عند الكاتب فكلٍ حسب ما يراه، فأنا أرى أن العمل الإبداعي الناجح لا ينتشر إذا لم يكن له قراءة نقدية واحدة على الأقل، ولو لم يكن جيدا لما حاز على قراءة الناقد، فالنقد يضيف جمالا أدبياً للعمل الأدبي ويزيد من بريقه في الوسط الثقافي.
- ماذا فعلت أوقدمت لنفسك أثناء فترة الحجر؟
رغم الأجواء المليئة بالرعب، عملت أن أهرب بعض الوقت مع الكتابة، وفي تلك الفترة ظهرت الكتابة بشكل مريح للنفس وسميت (بزمن العزلة) مع أن العزلة تلازمني أحيانا من قبل زمن (كورونا) عندما أبدأ في الكتابة أو تشذيب نص إبداعي قصصي، في تلك الفترة الزمنية تفجرت أفكار وأعمال إبداعية أعتز بها.
- ما السر وراء توجهك للإعلام و كيف كانت تجربتك مع مجلة فرقد؟
ليس هناك سر في توجهي للإعلام، وإنما هو قدر الله أوصلني إليه؛ بمعنى أن الإعلام هو من فرض نفسه عليّ، وله معي بداية وقصة طويلة مختصرها، عندما كنت متعاونة تطوعيًا مع إحدى الجمعيات الخيرية بمكة والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان كنت أحتاج تعاون الإعلام مع بعض الحالات الاجتماعية ليتعرف المجتمع على حاجتهم والتعاون معهم، من حينها التحقت بعدة دورات في الإعلام، منها كيف أكتب الخبر الصحفي والتفريق بين الخبر والإعلان والمقال والتقرير والحوار، أما فرقد الإبداعية عملت فيها منذ انطلاقتها وكنت من المؤسسات منذ نشأتها مع زملائي وزميلاتي الأعزاء في فرقد، فقد كنت محررة في قسم لآليء النثر الخاص بالسرد (القصة القصيرة والقصيرة جدًا ثم عملت رئيسة لنفس القسم، وهي تجربة جديدة علي والأولى من نوعها و أحببتها ولازلت أعيشها.
-عندما يمتلك الشخص أكثر من موهبة كيف يحافظ على نفسه من الشتات بمعنى كيف تنظم مريم وقتها؟
تعدد المواهب لا يقلل من قدرة العطاء عند الفرد، أحيانا يشغل الفراغ المسيطر على نفسه، ويضطره إلى فتح منافذ لعدد من المواهب، وسبب بعض الفراغ عندي هو عدم التحاقي بأي وظيفة أو عمل يشغلني عن امتلاكي أكثر من موهبة العمل بكل هدوء وإعطاء كل ذي حق حقه، دون طغيان أحدهما على الآخر، في الفترة الأخيرة توقفت عن العمل الإعلامي وركزت على تنظيم وتنسيق مجموعتي الجديدة استعدادًا لطباعتها التي سترى النور قريبًا -بإذن الله-.
-ماذا استفدت من المشاركة في قروبات «الواتس أب» و خاصة التي تهتم بالقصة والإعلام؟
تعددت المجموعات (القروبات) بكل الألوان والمسميات وتحتارين مع أيهما تنتظم لترضي كل الأذواق-وخاصة مدير المجموعة، وإلا عليك الخروج، مجموعات القصة تكون شبه ورشة عمل مما رأيته فيها من حراك ثقافي جيد ومفيد، أما مجموعات الإعلام فهي منصة (قص ولصق) للخبر، نادرًا ما تجدين إعلاميا يبذل جهدًا ليكتب خبرا خاصا به ومختلفا عن بعض زملائه الإعلاميين، في رأيي الإعلامي الحقيقي يواكب الحدث شخصيًا ويكتب ما يرى وما يحدث ليكون صادقًا في نقل الحدث، أما ما هو مكتوب (بصيغة) واحدة فهذا ليس تحرير خبر ولا إعلاما صادقا.. لذلك في الآونة الأخيرة قررت أن أتوقف وعدم الاستمرار إلا نادرًا إذا أجبرتني الظروف.
أختم اللقاء بوافر شكري للصحفية المبدعة أ. مسعدة اليامي التي هي بمكانة شعلة ضوء للثقافة والأدب والصحافة لجهودها الجبارة في هذا الشأن، ويمتد جسر شكري لصحيفة الجزيرة الثقافية العريقة التي تألقت بجمال مواضيعها وعناوينها الساطعة اللافتة في إنحاء و أرجاء الوطن الغالي.
** **
- يوسف العارف