شهدت رابغ أهم الحوادث عبر العصور التاريخية، وأتاح لها موقعها على طريق القوافل وبمقربة من طريق الهجرة النبوية الشريفة ما يميزها عن غيرها من الأماكن المجاورة لها وأعطاها زخمًا تاريخيًا خاصا، ونجد اليوم في بعض نواحيها عدداً من الأماكن الأثرية والتراثية التي ورد ذكرها في كثير من المصادر التاريخية، ويمكن اختصارها فيما يلي:
1- الجحفة: ومن أشهر مواقيت الحج، ومن أهم القرى على طريق القوافل، وقد اندثرت في القرن السادس تقريبا. ومازالت قلعتها الشهيرة شامخة وظاهرة للعيان. ويمكن مشاهدة أساسات مبانيها وفلج عينها.
2- آثار ودّان: وودان هذه واقعة إلى الجنوب الغربي من الأبواء على طريق الحج والقوافل، وقد كانت من أمهات القرى الحجازية، ولها تاريخ يصعب عرضه في عجالة، وقد اندثرت في وقت مبكر.
3- المواقع التي يمر بها طريق الهجرة النبوية الشـريفة في شرق رابغ: وهي الخرار وثنية المرة ووادي أحياء أبيتر وفخذوات وغيرها، وهي من أشهر المواقع التي مر بها النبي صلى الله عليه وسلم في هجرته إلى المدينة، وتلك المواضع ذكرتها المصادر التاريخية بإسهاب، قال ابن إسحاق: «فسلك بهما الخرار، ثم سلك بهما ثنية المرة». [سيرة ابن هشام، 2- ص97 ]، وفي الخبر المروي عن عبد الله بن حجر إنه قال: «... فسلك بهما ثنية الزمحاء ثم سلك بهما ثنية الكوبة ثم قبل بهما أحياء، ثم سلك بهما ثنية المرة « . [المعجم الكبير: الطبراني1-223 ]. والزمحاء هي الدمجاء.
4- المواقع الأثرية في شرق رابغ
أ- بحران: وهو جبل وغزوة ومعدن وبه آثار، قال ابن إسحاق: «حتى بلغ بحران، معدنا بالحجاز «، [السيرة: ابن هشام،ج2-46] ، حيث كانت به غزوة للنبي صلى الله عليه وسلم تسمى غزوة بحران، وكما يوجد عدة مناجم معدنية في وادي حجر.
ب-نيق العقاب: وهو نتوءات صخرية نحتتها عوامل التعرية تسمى بالمصقرة تقع إلى الشرق من الجحفة، قال الحموي: «موضع بين مكة والمدينة قرب الجحفة»، وفيه خبر عن عام الفتح، [معجم البلدان. 5- 333].
ج- موقع الجرف: وهو أثار تغيير مجرى وادي رابغ من الجحفة إلى رابغ ، وبعده ظهرت رابغ على ساحة الحوادث وأخبار الحج.
د- ثنية هرشى التاريخية: وهي عقبة شهيرة تقع جنوب الأبواء، وحولها كثير من المواقع التي ورد ذكرها في كثير من المصادر التاريخية.
5- النقوش والكتابات: وهي منتشرة في الواجهات الصخرية لعدة نواحٍ من مراكز المحافظة، وقد تنوعت بين الرسومات الصخرية والكتابات الثمودية والكتابات الإسلامية المبكرة، وقد رصت وحققت كثيرا منها في كتاب وادي حجر، ويضاف إلى ذلك التشكيلات الصخرية المتنوعة.
6- المباني الحجرية أو المذيلات: هي مباني حجرية غامضة تتخذ عدة أشكال يظهر أنها كانت مدافن في العصور الموغلة، وتلك المباني منتشرة في الحرات نواحي حجر والأبواء وهرشى وشمال مغينية وشرق النويبع.
7- برج قلعة رابغ: وهو البرج الشمالي الغربي للقلعة التي بنيت في بدايات القرن العاشر. (مرآة الحرمين.ج2 -203).
8 - القرى التراثية: وتنتشر بعض القرى التراثية في مركز حجر ومركز الأبواء. ويضاف إلى ذلك بقايا الأسواق التراثية رابغ وسوق قبيلة بالأبواء وكذلك سوق الزويراء بحجر.
9- المطلات ( المراقيب) : ويمكن من خلالها رؤية مساحات واسعة من النواحي المحيطة بها، وهي منتشرة في كثير من الأودية.
10- الآبار والصهاريج القديمة: ومنها صهريج الشيخ مبيريك وصهريج الشيخ حسين. بالإضافة إلى الكثير من الآبار القديمة التي يمتد تاريخ بعضها إلى ما قبل الإسلام: وهي منتشرة في كلية والقضيمة ورابغ وحجر ومستورة والأبواء، ومنها بئر مبيريك بالأبواء والتي كانت ومازالت تزود القوافل والمارين وساكني تلك النواحي بالمياه العذبة.
11- أماكن التطعيس: وهي الكثبان الرملية وأشهرها موقع الجابية شمال الأبواء.
12- الشواطئ: تمتلك محافظة رابغ كثير الشواطئ البكر. كما توفر الحواف الجبلية لسد وادي رابغ مطلات جميلة حيث إن السد يوفر أكبر تجمع للمياه بين مكة والمدينة .
وأخيرا؛ فإن كل ما سبق من مواقع قد تم رصدها سابقا في كتابي: [الأماكن التاريخية والأثرية والسياحية حول مدينة الملك عبد الله الاقتصادية برابغ، ط3-1433هـ ]. وحاولت في هذه العجالة تسليط الضوء على أبرز تلك المواقع الأثرية والتراثية في تلك المنطقة، ولاشك أن حصـرها والمحافظة عليها والتنقيب عن تلك القرى الشهيرة المندثرة كالجحفة وودان أمرٌ مهم للباحثين في التاريخ والآثار، وقد يكشف ذلك جانبًا مهمًا من تاريخها خاصة في وجود مركز تاريخ البحر الأحمر وغرب المملكة العربية السعودية الذي يهتم بدراسة تلك المنطقة التاريخية.
** **
- د. عبدالمحسن بن طما