تجولتُ في أنحاءِ الدرعيةِ فإذا بتاريخ المجد والعز والأنفة والإباء والكفاح يتنفسُ في أصقاعِها فكانت هذه الزفرة:
درعيةَ العزِّ يا حوريةَ الدارِ
ماذا تُخبينَ من بوحٍ وأسرارِ
ونخلُكِ السامقُ الممشوقُ في ثقةٍ
عن أيِّ ملحمةٍ يُنبي وإصرارِ
في كلِّ زاوية حَبْرٌ وراويةٌ
يروي عجائبَ أحداثٍ وأخبارِ
وتُرْبةُ الأرضِ -إي واللهِ- لو نطقَتْ
لأغنتِ القومَ عن تزييفِ هذّارِ
في جوفِها من بنيِها شاهِدٌ يقِظٌ
عن البلادِ التي تُحمى بأبرارِ
معالِمُ الصدقِ في ساحاتِها لُغَةٌ
تسبي المشاعرَ في أنغامِ قيثارِ
عروسُ نَجْدٍ فما سيقَتْ إلى نَزِقٍ
كلا، ولا عُرِضتْ في سوقِ سمسارِ
تاريخُ نَجْدٍ على أثوابِها رُسِمتْ
حروفُهُ بمدادِ النورِ والنارِ
سلِ البُجيريَّ عن أنباءِ ملحمةٍ
وسلْ طريفَ الهوى والحُبِّ والثارِ
كم من غُزاةٍ على أسوارِها صُبِغتْ
راياتُهم بسوادِ الخزي والعارِ
عرينُ نجدٍ عصيٌّ عن مقاصِدِهم
ومهرُه الروحُ، لا سَكَّاتُ دينارِ
في غُرّةِ العارضِ الميمونِ حصّنَها
آلُ السعودِ بضربِ الصارمِ الفاري
في ثُلَّةٍ من رجالِ الحقِّ عزْمتُهُم
ردّتْ أباطيلَ كذّابٍ وختّارِ
ميثاقُ حقٍّ على التوحيدِ أسّسَهُ
محمدانِ فمنصُورٌ وأنصاري
تعاهدا الزرعَ حتى طابَ مطلعُه
في خيرِ غرسٍ وإزهارٍ فإثمارِ
وأشرقت في ربوعِ المجدِ مملكةٌ
رِداؤها قبَسٌ من خيرِ أنوارِ
في عروةِ الحقِّ تمكينٌ ومأمنَةٌ
عن العوادي وعن جدبٍ وإقفارِ
** **
ماجد بن محمد الجهني - عضو جمعية الأدب السعودية - الخبر