عمر إبراهيم الرشيد
حكى لي صديق قصة حدثت لاثنين من أشقائه في فترة الطفولة، وهي أنه زارهم قريب لهم فأحضر ضمن ما أحضر للعائلة من هدايا، دجاجتين لشقيقيه الصغيرين يلتهيان برعايتها. يقول صاحبنا بأن أحدهما أخذ يطارد دجاجته من مكان إلى آخر في المنزل، حتى دخلت إحدى الغرف فطارت فوق الدولاب ثم بسبب استمرار مطارته لها، طارت من الدولاب واذا بها تصطدم بمروحة السقف التي كانت تدور وقتها فقطعت رأسها وسقطت ميتة. ويقول صاحبي عن شقيقه الآخر بأنه كان هادئاً مع دجاجته مهتماً برعايتها دون مطاردة، فكان أن تكاثرت حتى أصبح لديه حظيرة دواجن انتفع بها هو وأهله سنوات عدة.
ثم يستطرد صاحبنا ويقول بأن الأول تعثر مراراً في حياته العملية وحتى الأسرية، واما الثاني فقد سلك طريقه بنجاح. ثم يتساءل صاحبي قائلاً (لا أدري هل لحادثة الدجاجة ارتباط أو دلالة بمسار حياة شقيقي فيما بعد؟). فأدليت قائلاً بأن الأول يبدو من قصته أنه ذو شخصية متهورة ولا يحسب لخطوته ويستعجل النتائج. أما الثاني فيتحلى بالهدوء والرزانة وبعد النظر. هو استنتاج أدليت به ووافقني صاحبي الرأي ، وبالمناسبة، شقيقهم الذي حدثني بهذه القصة صاحب شخصية عفوية بعيد عن التصنع، لين الجانب تلمس الصدق في تعامله وأحاديثه مع جلسائه، إضافة إلى خفة النفس وجمال الأخلاق. الناس معادن كما قال سيد الخلق عليه الصلاة والسلام، والأنفس ألوان، وما هذه الحياة إلا مدرسة ونحن تلامذتها، والسعيد من تعلم واستفاد من كثير من دروسها. أحببت أن أشارككم في هذه القصة محاولاً استقراء معانيها، شاكراً صديقي على أريحيته لتكون قصته مادة هذا المقال، إلى اللقاء.