يكاد ينطفئ ضوء الأمم والحضارات والمنظمات وكافة الأجهزة والقطاعات والدول من أصقاع الدنيا إلى منتهاها دون إعلام يواكب أحداثها، وينبئ عن أهدافها، ويطور نماءها، ويذكي انتشارها من مشارق الأرض إلى مغاربها.
والإعلام يحتاج إلى عناصر ومنظمات ووسائل كي تكتمل صورته وتؤدى بالشكل المطلوب؛ ومن أهم عناصره «الإعلامي» الذي لا يحظى بالوصول لذلك المسمى إلا بعد علم ودراية وممارسة تجارب واحتكاك بكافة وسائل الإعلام، والتعرف عليها، وطريقة التعامل معها.
الإعلام مسؤولية مجتمع، ورسالة سامية، أساسه عملية التواصل الفعّال لتقديم المحتوى الرامي بأهدافه لتحقيق التنمية الحقيقة بمختلف أشكاله.
طريق الإعلام ميسَّر لكل من امتلك مقوماته، من إتقان اللغة إثراءً وحواراً ونطقاً، وجودة الأسلوب، وفصاحة اللسان، والجرأة الأدبية، وتوظيف الإمكانات الفكرية، والموهبة الفطرية، في تحقيق الغاية المثلى، والهدف الأسمى.
يتميز الإعلامي بنزعة الانطلاق والدافعية التي يثيرها قوة الإصرار والصبر على تقديم رسالة صوتها الضمير الحي، ليكون مرآة واقعه، نبض مجتمعه، ونماء مستقبله.
كما ينبغي للإعلامي صانع المحتوى أن يكون مسؤولاً عن محتوى قيّم ذاتياً وأخلاقياً مبني على الثقة بالنفس، والآراء المنصفة، والحلول المجدية، والإثراءات الصحيحة من مصادرها الموثوقة، وإخماد كل ما من شأنه إثارة الفتن الوطنية والقومية، والنزاعات باسم الحملات الإعلانية المضللة.
الإعلام الجديد منصة عطاء، ووسيلة تواصل سريعة مع المجتمع والعالم لذا لا بد من معرفة مهارة الإعلام الرقمي بإتقان مهارات صياغة المحتوى بشكل دقيق، بحيث لا يتعارض مع العقائد والعادات وأعراف المجتمع ليسهم بصنع إعلام فعال يشهد بواقع تنموي حقيقي، ويصد كل سمّ زعاف يهدد أمن المنطقة، ويسخر من إمكاناتها الإقليمية والعالمية.
وفي بلادنا نفخر بالأمن السيبراني ودوره في تعزيز الأمن الرقمي في الحماية، وصدّ الهجمات المضادة التي تهدف لإثارة الحرب الإلكترونية بالتعدي على بيانات المنظمات وطمس هويتها؛ حيث أثبت كفاءته في صنع واجهة حقيقية للحفاظ على البيانات الرقمية في العالم الصناعي.
إن المستقبل واجهة الإعلام الجديد، وكلاهما مرتبطان في ذاتية التأثير في الفرد والمجتمع من حيث النهوض بالوطن، والحفاظ على تراثه ومقدراته فمنه ينبثق عبق الماضي وحضارة المستقبل. كما أن ذلك لا يلغي دور الإعلام الأساسي كقاعدة بنيت عليها ثقافات بلا حدود، وصوت الأوطان الحضاري.
حقيق أن الإعلام الجديد درب ميسّر لكل من أحسن اقتناء أدواته، وسار بمنهجية دقيقة وواضحة، لا تهاون فيها ولا تراجع. لكن ينبغي لكل إعلامي إتقان تكنولوجيا الاتصالات لتعزيز عملية التواصل غير اللفظي، وردم الفجوة الرقمية بنبذ الكسل، والإقبال على التدرب وممارسة الإعلام كرسالة ووسائل الاتصال كأداة كي يحظى بقصب السبق في الإعلام الجديد.
ينبغي لكل إعلامي في كل مجال القراءة والاطلاع وتنمية المواهب لتتفتق بالعطاء، وتذكى بكثرة الممارسة.
ينبغي لكل إعلامي أن يصدح بصوته، ويرقى بفكره وينثر رأيه فصوته مسموع، وحرفه لواقعه مطبوع، ورأيه في بعض حين متبوع.
ينبغي أن يكون الإعلامي حجر الزاوية تجاه المخاطر والمشكلات بالتصدي لها، وطرح الحلول المناسبة، ونشر ثقافة الوعي، وإماتة الشائعات بدفنها، وإبراز دور الوطن والقيادة في التصدي لها.
ينبغي لكل إعلامي اقتناص الفرص المناسبة ليكون الرابح في استثمار قدراته وإمكاناته التي تترجم عملاً حقيقياً، ولا يقبل بتضييع الوقت في عدم التعلم بما لا ينفع، والعمل على تحقيق إنجازات ذاتية ترفع من مستوى الثقة والعطاء وملامسة مهمة الطموح ليرتقي من واقع الجدارة إلى قمة الصدارة.