في مساء يوم الخميس 19-5-1443هـ/ 23-12-2021م ومن بلدة السلمية بمحافظة الخرج زفت دارة الملك عبدالعزيز إلى الساحة الأدبية شاعر نجد وشاعر العربية الكبير محمد بن عبدالله بن عثيمين (1270 - 1363 هـ) في عرس أدبي بهيج، ففي هذا المساء المبارك عقدت الدارة ضمن برنامجها (من أعلام المملكة العربية السعودية) ندوة عن رائد إحياء الشعر العربي الفصيح في وسط الجزيرة العربية الشاعر محمد بن عثيمين في مسقط رأسه، وشارك في هذه الندوة نخبة من رجال الأدب، تناولوا فيها ثلاثة محاور: 1- سعادة أ. د. ناصر الرشيد وتحدث عن شعر ابن عثيمين بين الاتباع والابتداع. 2- سعادة أ. د. عبدالرحمن الهليل وتحدث عن ابن عثيمين شاعر الأصالة في المملكة العربية السعودية. 3- سعادة د. حسن الهويمل وتحدث عن سعوديات ابن عثيمين. ورأس الندوة وأدارها سعادة د. عبدالله الحيدري، ومن الطريف أن الندوة عقدت في عريش الملك عبدالعزيز في السلمية، وهي لفتة موفقة استعادت الحدث وعادت بالذاكرة لتلك الأيام الجميلة التي تواصل فيها الشاعر مع ممدوحه الملك عبدالعزيز، ويؤسفني جدا أنني لم أسعد بالمشاركة في هذه الندوة ولا بحضورها لوجودي خارج المملكة في رحلة علاجية، وقد كنت مصمما على ذلك حين كانت الندوة ستنعقد في موعدها السابق الذي حالت جائحة كورونا عن تنفيذها فيها، وتسببت في تأجليه -كفانا الله شرها ورفعها عن الأمة عاجلًا غير آجل - حيث اتصل بي أخي المفضال سعادة د. عبدالله الحيدري وأخبرني عن الندوة ولكن قدر الله وما شاء فعل، ولما تقرر عقدها في الموعد اللاحق تلقيت دعوة كريمة من معالي الأخ د. فهد السماري الأمين العام المكلف للدارة لحضور الندوة ولم أتمكن من تلبية الدعوة للسبب الذي ذكرته آنفاً.
ولا شك أن عقد ندوات عن أعلام المملكة العربية السعودية في أماكن ولادتهم فكرة رائعة تستحق الإشادة والتقدير، وتستوجب الشكر لمن اقترحها، ولمن قام على تنفيذها؛ لما فيها من ربط للأجيال الحاضرة بأعلام بلادهم السابقين الذين أثروا الساحة بنتاجهم، وتركوا أثرا واضحا في ثقافة وحضارة وتاريخ بلادهم حتى تظل صلتهم بهم قوية، وتبقى صورهم ماثلة في أذهانهم على مر العصور. كما أن إقامة الندوة عن العلم في مسقط رأسه تكريس لانتمائه، وحفظ لحق بلده في الافتخار به، وتلك مهمة جليلة تصدت لها -مشكورة- دارة الملك عبدالعزيز فعملت على تحقيقها وسعت ولا تزال تسعى بهمة ونشاط في تنفيذها بجهود رجالات الدارة وعلى رأسهم أمينها العام المكلف معالي د. فهد السماري فجزاهم الله خير الجزاء، وأمدهم بعونه وتوفيقه ليواصلوا عقد هذه الندوات؛ حتى تشمل كل أعلام بلادنا العزيزة في شتى المجالات بدعم من قيادتنا الرشيدة التي تحرص على رفع سمعة المملكة، وسمعة الإنسان السعودي، وإبراز إبداعاته في كل مجال، وتبذل في سبيل ذلك جميع ما يتطلبه من مال وجهد، وهي كما أسلفت فكرة جليلة ورائدة، وقد أشدت بها قبل ذلك في مقال كتبته عن الندوة التي عقدتها الدارة عن مؤرخ نجد الشهير (عثمان بن عبدالله بن بشر 1210-1290هـ) في مسقط رأسه مدينة جلاجل بمنطقة سدير، وتمنيت على الدارة مواصلة هذا النهج مشدداً على روعة الفكرة وأهميتها.
ولقد سعدت كثيراً بإقامة هذه الندوة عن الشاعر ابن عثيمين وإن كان لي ملحظ عليها فلا يعدو أمرين، أولهما: قصر الوقت المعطى لكل متحدث، وربما يكون للجنة المنظمة للندوة وجهة نظر دعتهم إلى ذلك. وثانيهما: أن الندوة لم تحظ بتغطية إعلامية كافية لا قبلها ولا بعدها، على الرغم من أهميتها وأهمية الشخصية التي تناولتها، ومهما يكن من أمر فتنفيذها في حد ذاته يعتبر إنجازا مهما يشكر كل من قام عليه وشارك فيه وفي تنفيذه، والشكر موصول لكل من تجشم عناء الحضور، وفي ختام هذا المقال أقترح أن تقوم جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز بتسمية إحدى قاعات المحاضرات فيها بقاعة الشاعر محمد ابن عثيمين تقديراً له، وتخليدًا لذكراه، كما أشد على يد الدارة داعياً إياها إلى مزيد من الندوات والإنجازات التي تخدم تاريخنا وتراثنا في هذا البلد الغالي على الجميع، ومزجياً لها جزيل الشكر والتقدير على ما تبذله من جهود في هذا الصدد متمنيًا لها التوفيق والسداد.
** **
د. عبدالعزيز بن إبراهيم الفريح - أكاديمي وكاتب