سهوب بغدادي
على الأغلب مر علينا في سنين الدراسة شخص حريص على نفسه ودراسته، فأبسط ما نصفه بالإنسان الحريص لحد مستنكر، في هذا النطاق، أشارت إحدى المقالات لشخص مشابه «أتذكر زميلة لنا كانت (مقطعة) الكُتب، ومتفوقة جداً ودائماً هي من الأوائل على مستوى المنطقة، لكنها كانت (كريهة) لا تغششنا ولا تنطق بأي كلمة أو تساعدنا بشيء! درست (الفالحة) وسهرت الليالي وحصلت على الدرجات العليا، وهي الآن تبيع (ورق عنب) بالانستقرام». حسناً، بغض النظر عن الصفات التي بداخل الأقواس باعتبارها نظرة فردية و(شخصنة) مع الفالحة (الدافورة) -حفظها الله ووفقها- فإن مبدأ الغش تحت غطاء المساعدة، وحب لأخيك ما تحب لنفسك أمر غير صحيح، فعندما يعمم الخطأ يصبح مستساغاً بل بديهياً، فما الأمر الذي يلزم طالبة مجتهدة قامت بأفعال إيجابية على مدار العام لتفعل أمر سلبي ومحرم وقت الحصاد! فليست بمساعدة والجميع يعلم ولكن يموه الحقائق لتتلاءم مع احتياجاته ومصالحه، كما أن تتبع أخبار المتفوقين والفرح بعدم ارتقائهم لتطلعاتنا الشخصية أمر غير منطقي، فالدراسة الأكاديمية باب للحياة المهنية، وعلى الأقل كان لدى الفتاة الفالحة مستوى عالٍ من المهنية والانضباط والحفظ والفهم لكي تتبادر إلى ذهن «صاحب القلم» بعد سنوات عديدة مديدة، لتحل علينا الآن كمثال لا يُنسى ويذكرنا بمن مثلها، إن بيعها ورق العنب عبر انستقرام ليس عيباً أو فشلاً، فهناك العديد من الأشخاص المؤهلين بشكل يفوق احتياج سوق العمل، فعلى الأغلب ستجد المكان المناسب والذي يقدر تميزها وإن طال الزمان وبعد المكان، فلا ضرر من الكسب الحلال إلى ذلك الحين، وفي حال لم تجد الفرصة المناسبة، فكم أتمنى أن أبتاع ورق العنب منها فقط على مدار العام دعماً لها ولقصتها، وقد تكون مربية أجيال تربي أطفالها على ذات المبادئ الحسنة، ففي كل الأحوال هي ناجحة. لقد كنت في مكان الفتاة يوماً ما، ومن منا لم يسمع عن شخص فقد عمله خاصةً بعد اندلاع الجائحة العالمية بتفشي فيروس كورونا، وفي المقابل قد يكون عملا جانبيا لزيادة الدخل، بغض النظر عن المبررات والتبريرات فإن الاستغراب من تصرف الطالبة النجيبة ومن شخص يحمل لقب المثقف أمر مستغرب، ومدعاة للتأمل للمحتوى الذي نعرض أنفسنا وأولادنا له، فالقراء من جميع الشرائح والفئات ومنهم الطلبة (الفالحين) وغير الفالحين الذين سيستقون من نهل المثقف، وإن كان المقال يرمي إلى ظاهرة في غاية الأهميةألا وهي انتشار الشهادات المزورة بمقابل مادي، وبالطبع فإن وزارة التعليم تعمل جاهدة خلال السنوات الماضية للارتقاء بالمنظومة التعليمية ككل في التعليم العام والعالي ويتجلى ذلك من خلال المناهج المطورة وبرامج الابتعاث النوعية بحسب التخصصات المطلوبة في سوق العمل، بالإضافة إلى الدور الأكبر خلال الفترة القريبة الماضية مع إطلاق منصة مدرستي خلال يوم وليلة، لتستمر العملية التعليمية ويحصل أبناؤنا الطلبة على حقهم في التعليم ولله الحمد، ختاماً، وبدون (نفشة ريش) اعطينا اثنين شاورما لحم «بدون ثوم بالتأكيد» لأن شاورما اللحم تُغطى بالطحينة! من هنا نشهد تطبيقاً عملياً لجملة «حافظ مش فاهم» فلا تكن منهم.