رمضان جريدي العنزي
الإنسان المؤمن يرفض قطعيًا اليأس والتشاؤم والقنوط، ويعزف تمامًا عن الحزن المفضي للأسى والألم، ولا يرضى بالهزيمة والانكسار النفسي والفشل، ولا يحبذ العيش في دوامة القلق والأرق والتأوهات المبرحة التي تشيع في النفس الكآبة والانقباض والاختناق والضيق، الإنسان المؤمن دائمًا يعيش الأمل والانبساط والفرح والابتهاج، إذا واجه عسرًا تفاءل باليسر، وإذا شعر بالحزن مارس الفرح، وإذا مسته ضراء أيقن أن وراءها رخاء وسراء، وإن تراكمت عليه المشاكل والمحن عاش الفرج والتفاؤل، وإذا صادفته تحديات صعبة يحاول جاهدًا حلها والتخلص منها. الإنسان المؤمن لديه صبر وتحمل ولا يستعجل النتائج، ولا يأسف على ما فاته، حياته كلها أمل وتفاؤل ومسرة وبشر، رسالته في الدنيا تبشير وتيسير، وغرس الأنفس ببذور الأمل والرجاء، ونثر الورود في طرقات السالكين، يحب الضياء ويكره الظلام، يهرب من تخوم اليأس لحدود الأمل، لا يبني قصورًا من اليأس، بل يبني واقعًا حيًا وملموسًا، لا يمارس خديعة النفس، ولا مسرحيات العبث، ولا يخدر واقعة بوهم طافح بالأماني، ولا يحاول أن يمشي على سجادة حمراء ليست له، ولا أن يجعل له متكأ لا يليق به، يكره تخدير النفس بالأحلام والمنى، واصطناع المواقف، لا يعرف الهزيمة، ولا يؤمن بالانكسار، والانكفاء والتوقف، بل حياته كلها عمل وبذل وعطاء من أول الصباح لآخر المساء. الإنسان المؤمن له ملامح شفافة، وبصيرته ثاقبة وقوية، وافقه واسع، وإدراكه عظيم، ومشاعره فياضة، لا يحب الانطواء، ويمقت التوحد، ويعيش الالتحام والمعاشرة والمشاركة، وحلبه ركضه في هذا واسعة، لا يعرف السقوط، ويعشق النهوض، ولا يعجزه حاجز ولا مصد، وإن عارضته عوارض تزيده حيوية وصلابة ونشاطًا، يهوى الفجوج الواسعة، ولا يرضى بالدروب الضيقة، ذلك هو الإنسان المؤمن يهوى حياة الإشراق والبياض، ويمقت الظلام والسواد والبشاعة.