عبده الأسمري
شاهد الجميع انحباس أنفاس العالم في حادثة الطفل المغربي «ريان» رحمه الله وسط «مشهد» عظيم هز «المشاعر» واستأُثر بالشعور.. حينما توحدت الإنسانية في رداء الأمنيات واتحدت الأفئدة في سخاء الدعوات وارتفع صوت «الضمير» وتجلى صدى «الألم» وتسمرت «القلوب» رغبة في مصير «النجاة» وتفجرت «العبرات» عنوة في خبر «الوفاة»..
قضية ريان ذلك الطفل «البريء» الذي سقط في غيابة «الجب» وهو يركض بعفوية الصغار كانت «رسالة» ربانية نحو إهمال قد يظهر إلينا «ضحايا» جدد واكتملت سطور الرسالة بالمعاني الإنسانية التي ألغت حواجز «الحدود» بين البلدان وألفت بين قلوب المشرق والمغرب بقدر إلهي لم يكن ليكون سوى بقدرة القادر القدير الذي جعل من «محنة» ضحيتها طفل السنوات الخمس درساً لا عمر له وعبرة لرسم مشاهد «العظة» وتكريس أبعاد «الاتعاظ» واجتماع المؤمنين في التواد والتراحم كالجسد الواحد..
عندما ظهر فيروس «كورونا» ارتمى العالم كله في دوائر «الخوف» وتقهقر البشر إلى حتمية «الذعر» وشملت تداعياته ونتائجه «العرب والعجم» ليفرض حالة موحدة من «الاحتياط» وموجة متساوية من «العزلة»..
وقد كان هذا الفيروس «رسالة» ربانية دقت «أجراس» الحذر ورفعت مستوى «الانتباه» في اتجاهات الحياة والموت والمرض والصحة.. مرت موجاته الأولى وسط «هلع» فرض ضروريات الاحتياط وأساسيات «الاستعداد» وسبل «الوقاية» وأبعاد «النصح» ثم جاء «التخدير» المؤقت في «جرعات» اللقاح ثم عاد «التفكير» المستديم حول «حالات» الوفاة.. وظل «التجاهل» دواء مجانيا يحتمل كل «الأعراض» الجانبية التي قد تسبب الهلاك وكأن الاستفادة من درس كورونا يقتضي مزيداً من الخسائر وكثيراً من الضحايا.
ما نراه من «سفاهة» ونشاهده من «سخف» وما نواجهه من «فتن» و»محن» جميعهاً تعد رسائل ربانية جاءت في صورة «بلاءات» غيرت وجه «الحياة» المشرق وبدلت المشهد الأصيل للقيم لتتباين «فرق» الخير عن الشر ويثبت «الأوفياء» أمام موجات «النكران» ويستقر «الفضلاء» أمام هجمات «الخذلان» فتأتي «الدروس» كمناهج إجبارية ينجح فيها الحكماء والعقلاء ويسقط فيها الأغبياء والسفهاء..
الرسائل الربانية التي تقرأها «الأنفس» التواقة للاستقرار والشغوفة بالنصح تشكل «منهجيات» إلهية جاءت لتصقل سلوك الإنسان وتختبر تعاملات البشر وتضع الحلول الناجعة والطرق الشافعة في مواجهة «البلاءات» ومجابهة «المتغيرات».
هل تحتاج المجتمعات إلى حوادث «مأساوية» لإيقاظ صوت الضمير.. وهل تنتظر الشعوب أحداثا «كارثية» لإظهار جانب التعاون.. الإنسانية هدية ربانية يظفر بها أصحاب القلوب البيضاء والأنفس النقية التقية التي ترى في إعانة الغير وإغاثة الآخرين واجبا أدميا وحقا مشروعا يعكس انتماء البشر إلى «فطرة» السواء.
تغيرت خارطة الحياة كثيراً والكون في مراحل مد وجزر لأحداث قادمة تحجبها «الغفلة» وسط تقنية قربت مساحات «الأنباء» لتستقر أمام بصر «الناظرين» في توقيت واحد ولكن القادم يحمل «التوجسات» في أمور متعددة كالأوبئة والأمراض والتغيرات المناخية والظواهر المستجدة والأحداث الفجائية وكل ذلك «رسائل» ربانية تبدأ بالإنذار وتقتضي الاعتبار فهل من «معتبر» وما اتجاهات «الاستعدادات» البشرية حيال ذلك وهل تتواءم الإنسانية للوقوف في مواقف «الشعور» ووقفات «المشاعر» في إطارات مستديمة.
كل ما يحدث في عالمنا رسائل تحمل في طياتها «التحذير» المرتبط بالتفكير والمضي في التدبير لمواجهة تغيرات ومتغيرات متعددة يظل الإنسان فيها محوراُ رئيساً ومرتكزاً أساسياً في صناعة «الاستعداد» وفي «الاستفادة» من الدروس التي تحتم «الوقوف» كثيراً أمام كل «حدث» و«التوقف» أكثر أمام أي «نازلة» لأنها لم تحدث إلا بقدر ولم تنزل إلا بتقدير وفق حكمة إلهية تتجاوز أبعادها «الفكر» الإنساني ولكنها جديرة بأن نتأمل وأن نعتبر وأن نستفيد وأن نوظف عقولنا في التفكر وأن نسخر قلوبنا في التبصر حتى نواجه «المستقبل» بإنسانية تخفف مساحات «المواجع» وتدابير تجتاز «عقبات» الفجائع»..
بين الرسائل الربانية والدروس الإنسانية ارتباط عميق وترابط وثيق يجب أن ندرسه ونتدبره حتى نخرج أصول «الإنسان» الحقيقي من أعماقنا ليظهر في آفاقنا ويرسم مشاهد المستقبل وفق مناهج «التجارب» المستفادة و»الخبرات» المفيدة وصولاً إلى النجاة من «المتاهات» والخروج من «الأزمات».