حمد بن عبدالله القاضي
* للكلمة الصادقة مفعول السحر أثراً، وامتداد الفضاء انتشاراً، وألوان قوس قزح جمالاً.
ومبدع الكلمة عندما يكون مجيداً وصادقاً سواء كان شاعراً أو ناثراً فإنه يجتذب النفوس إلى عطائه وكلماته.
وفي تاريخ الأدب العربي نقرأ كيف كان أقرب الجلساء والندماء للخلفاء والولاة هم الشعراء والكتاب لأنهم يجدون في مجالستهم متعة الحديث، وصدق التجربة، وجميل المحاورة.
وقد كان الخليفة العظيم عبدالله بن مروان يقول: (جربت متع الدنيا فوجدت أمتعها محادثة الرجال ذوي العقول).
وقد صدق..!
ولقد قرأت مؤخراً حكاية جميلة عن ذكريات الشاعر الكبير عمر أبوريشة - رحمه الله- الذي أخذ بمجامع رئيس أكبر دولة (الولايات المتحدة الأمريكية) جون كنيدي وذلك عندما قدم إليه أوراقه كسفير لبلاده هناك، وكان الوقت المحدد للقاء ربع ساعة.. ولكن اللقاء استمر ساعة كاملة بناء على رغبة الرئيس الأمريكي، إذ رغم وقته المحسوب فإنه أعطى لـ(عمر أبوريشة) باعتباره شاعراً لا سفيراً هذا الوقت عندما علم أنه شاعر وطلب منه عندها أن يسمعه بعض قصائده، وفعلاً بدأ يلقي مختارات من قصائده، والمترجم يترجمها، وكان الرئيس الأمريكي يستزيده كلما أنهى إلقاء قصيدة، وقد جرت العادة أن تقديم أوراق السفير لا يتجاوز دقائق معدودة.. لكن الرئيس جون كنيدي أعطى لعمر أبوريشة هذا الوقت بصفته الشاعرية لا الدبلوماسية.
بقي أخيراً أن يدرك أصحاب الكلمة عظمة الكلمة ورسالتها، وأن يدركوا بعد ذلك قيمتهم ومكانتهم حتى يبقى لحرفهم أثره، ولكلمتهم سحرها ولحوارهم متعته وصداه. فإن صانوا هذا الحرف صانهم، وإن هم أهانوه أهانهم.
***
* ساعة بلا جوال!
قبل سنوات معدودات كنا بلا جوال.. الآن هل يظن أحد منا أن يعيش أو يتعامل بدونه!.
قبل يومين كنت بالشارع لشراء غرض شخصي وفجأة خلص شحن البطارية فتوقفت حائراً كالتائه فحتى المعلومات عما سأشتريه مخزنة بالجوال ولابد من قراءتها منه وبدأت أدور على المحلات «أشحذ» تعبئة له، بعضهم ليس لديه شاحن لجوالي وآخر مشغول وثالثهم وافق مشكوراً ونزع جواله من الشاحن فلم أطل بشبك جوالي وبعد دقائق قليلة وأنا أنظر إلى شاشته دبت الحياة بجوالي أخذته كعاشق يخشى غياب من يحب!! وبدأت أستخدمه باقتصاد شديد خشية نفاد ما تم شحنه كأني بصحراء قاحلة وليس لديّ سوى ماء قليل أخاف نفاده.!.
كنا قبل الجوال «ماشية أمورنا» ولا تتعطل أعمالنا ولذا لا نستغرب حين عاش أجدادنا بلا كهرباء ولا جوال.