محمد الطاهر فار
أصبحت الكتابة بشكل عام شيئاً مهماً جدًا في حياتنا وهي لا تكاد تخلو اليوم من أي مجال من مختلف مجالات الحياة لما لها من أهمية وتأثير قوي جدًا، فنحن بالضرورة نحتاجها ونستخدمها بطريقة أو أخرى للتعبير والبوح بها عن ذواتنا وترجمة ما يدور بدواخلنا، أو كوسيلة للتواصل بها مع عامة البشر، وعلى قدر أهميتها يزداد استخدامها بشكل مهول في الفترة الأخيرة لا سيما ونحن في عصر الإنترنت والتقنية الرقمية والوسائط التي أتاحت الفرصة لأن يكتب الجميع وبالتالي اليوم الكل يمارس الكتابة بصورة أو بأخرى سواء كان عبر تغريدة أو نشر منشور أو تعليق على أحد مواقع التواصل وغيرها.
وبالمقابل لا تقل الكتابة الإبداعية أهمية عن بقية رفيقاتها من الكتابات الأخرى لما لها من أهمية بالغة أيضاً في قلوب القراء والتأثير على مشاعرهم وجذبهم ومن ثم الكشف والبحث فيها عن ذواتهم من الداخل، حيث أضحت الكتابة الإبداعية في عصرنا المتطور هذا ضرورة ملحة للتنفيس عن النفس التي أرهقتها الأحزان ويسيطر عليها الاكتئاب لنجد نفسنا مرغمين أمام ما نشعر به من فرح وحب وحزن وخواطر! ولا سبيل في ذلك إلا أن يكتب الكاتب حالته التأملية فيما يلتهم القارئ بدوره النص الذي يتوافق مع حالته التي يشترك فيها مع الكاتب نفسه، وهكذا تظل الكتابة الإبداعية هي علاقة تكاملية بين الكاتب والقارئ حول فهم الذات واكتشافها أكثر.
والإبداع الحقيقي في الكتابة يعني باختصار نقل المشاهد والأحداث الحياتية وتحويلها إلى كتابة ساحرة ومدهشة يستطيع الكاتب من خلالها تطويع الكلمات وسردها بطريقة أدبية رائعة بحيث يذهل بها القارئ أو المتلقي ويمتعه، كما أن الاهتمام بالكتابة الإبداعية ربما قد بدأ في وقت قديم جداً، حيث ظهر الشعر في زمن باكر من التاريخ ثم تلته القصة القصيرة والتي كانت في وقت ما هي سيدة الموقف، ثم مؤخرًا اليوم الرواية والتي تحتل اهتمامًا واسعًا وحيزًا كبيرًا وسط النخب والمثقفين والقراء.
ولا عجب في ذلك فهناك الكثير من الورش الكتابية التي بدأت تدرس وتهتم بهذا النوع من الكتابة، بل طالب بعضهم إلى ضرورة تضمينها في المقرارات الدراسية والأكاديمية وغيرها، كما أن الكتابة الإبداعية هي التي تأتي غالباً من الداخل على خلاف أنواع الكتابات الأخرى، حيث إن الكاتب يعكس ما بدواخله من مشاعر وأحاسيس وتعبيرات صادقة الأمر الذي يجعلها تلامس بقوة وجدان الكثيرين من حياة الأشخاص بصفة عامة وكاتبها بصفة خاصة، حيث تعطيه فسحة من الأمل حول نفسه.
ويجدر الذكر أن الكتابة الإبداعية يمكن أن يتقنها الشخص بالممارسة وبالمزيد من الاطلاع والمعرفة، وفي هذا يقول الروائي طالب الرفاعي أن الكتابة الإبداعية تعتمد نوعاً ما على الموهبة ثم وعي وفكر الكاتب الذي يشكِّل له رصيداً إضافة إلى القراءة المستمرة والمتنوّعة والمنفتحة على جميع الكتابات من شعر وفلسفة ومسرح وسينما وغيرها لأن الكاتب الإبداعي يصنع حياة وبالتالي هو مطالب بالقراءة والمطالعة المنفتحة إضافة إلى ذلك أهمية الإلمام والإدراك بعناصر ونوعية الجنس الأدبي الذي يريد أن يكتبه الكاتب فلا بد أن يميز ويعرف عناصر ونوعية الجنس الذي اختاره، وأخيرًا يقول سعة الخيال وتجويد الكتابة بمزيد من الكتابات ومراجعة النص وتلقيحه وحذف ما أمكن فيه حتى يأتي النص ملموماً كالطلقة في نفوس المتلقين.