محمد سليمان العنقري
جاذبية سوق العمل في المملكة يدعمها تنوع اقتصادي وتنمية مستدامة ترسخت توجهاتها مع اعتماد رؤية 2030م فسوق العمل السعودي نشط ويبلغ عدد العاملين فيه ما يقارب 13 مليون عامل ما بين مواطنين ووافدين.
وفي السنوات الماضية تم تطوير واصدار العديد من انظمة العمل والخدمة المدنية التي عززت من جاذبية السوق السعودي والتي تتماشى مع مستهدفات الرؤية، وفي الاسبوع الماضي وافق مجلس الوزراء على السياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية والتي تعد احد اهم ركائز تطوير سوق العمل والحفاظ على صحة وسلامة العاملين، حيث تقود جهود تطوير السوق وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية والتي تسعى لرفع مستوى السلامة للعاملين وتوفير الحماية اللازمة لهم في بيئة العمل فهم رأس المال الاهم للمنشآت.
فالسلامة والصحة المهنية تم تطوير سياساتها بالتعاون مع منظمة العمل الدولية والجهات الحكومية ذات العلاقة فهي من الاولويات التي تعد هدفاً رئيسياً تسعى المملكة لتحقيقه من خلال ركائز عديدة منها تطوير الشراكات الإقليمية والدولية وتقويم مبادئ السلامة والصحة المهنية والالتزام بتعزيزها وتطويرها ومراقبة مؤشرات الأداء، حيث سيتم تحقيق كافة الاهداف التي وضعت لاجلها هذه السياسة، فلا يمكن لأي سوق عمل ان يتطور دون ان تكون للسلامة فيه دور كبير في تقييمه، فالعاملون لابد ان يشعروا بالامان في بيئة عملهم من خلال تطبيق معايير عالية المستوى بالسلامة والصحة المهنية خصوصاً ان اقتصاد المملكة ينتقل لمرحلة جديدة ستتوسع فيها القطاعات الاقتصادية مثل الصناعات التعدينية والتحويلية عموماً وصناعة التطوير العقاري والاعمال الكبيرة التي تخدمها من قطاع انتاج مواد البناء وكذلك التشييد والعديد من الانشطة، اضافة لقطاع السياحة والخدمات اللرجستية والنقل، فكل نشاط له مخاطر على سلامة العاملين تتطلب تطبيق سياسات ذات جودة عالية ومجربة ومطبقة عالمياً، كما ان توحيد الجهود تحت مظلة سياسة واحدة سيعزز من مدى صحة وسلامة العاملين ويقلل لحد كبير جداً اي مخاطر قد يتعرضون لها ويحد من اثارها بوجود الوسائل والمعايير المطبقة وفق افضل الممارسات الدولية.
فالمستهدفات التي تسعى لتحقيقها السياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية تتمثل في تطوير الانظمة والتشريعات والادوات والبرامج المتعلقة بالسلامة المهنية اضافة الى تحديد ادوار ومسؤوليات الجهات ذات العلاقة، كما سيتم وضع حوكمة واضحة ومحددة للسلامة والصحة المهنية فهي من الاساسيات التي تساعد ايضاً على تطوير آليات مراقبة والتزام كافة الاطراف بالانظمة والتشريعات بفاعلية عالية كما سيكون للتعاون بين اصحاب العمل والعاملين وممثليهم آليات تسهم بإيجاد بيئة ايجابية لهذا التعاون الذي يعد اساسياً لانجاح السياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية، حيث ستساعد كل تلك الاهداف عند تحقيقها على توفير نظام معلومات دقيقة لاحصاء السلامة والصحة المهنية، فمن خلال الاحصاءات سيتم الوقوف على واقع سلامة العاملين والتزام كل منشأة بالمعايير المعتمدة لتحقيق السلامة التي كلما ارتفعت كان اثرها ايجابياً على المنشآت من حيث زيادة الانتاجية والحفاظ على راس المال البشري وتقليل المخاطر على العاملين لحد كبير جداً فالعامل لابد وان يشعر بارتياح وأمان عندما ينجز عمله، خصوصاً تلك الأعمال التي تتطلب مجهوداً كبيراً وعملاً ميدانياً.
المكاسب المنتظرة من اعتماد السياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية متعددة، حيث سيكون ذلك متوافقاً مع الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بحماية العاملين وايضا يوحد جهود كافة الجهات، بحيث تكون السياسات ضمن اطار واحد معتمد بما يحقق التكامل بين هذه الجهات وييسر على المنشآت تطبيقها، كما انه سيتم انشاء مجلس وطني للسلامة والصحة المهنية يرأسه وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ويضم اعضاء من كافة الجهات الحكومية ذات العلاقة يكون هو المرجعية لتشريعات هذه السياسة والمشرف والمتابع لتطبيقها نظراً لما لها من اهمية بالغة بتقدم وجاذبية سوق العمل ليواكب النهضة الاقتصادية في المملكة.