عطية محمد عطية عقيلان
تتنوع العادات وأساليب إكرام واستقبال الضيف بين مختلف الشعوب، وطريقة التقديم ونوعية الطعام وكميته، لها دلالة ومعنى لمدى الاحتفاء والتقدير الذي يحظى به من مضيفيه، وتبقى الطريقة المتبعة في تقديم القهوة وشربها في الضيافة العربية تحمل طقوسا وإجراءات بروتوكولية جميلة تعطي دلالة ومعنى وترتبط بردة فعل الضيف والمضيف، وتبدأ من طريقة تحميس القهوة وطحنها وإضافة الهيل والزعفران ليكون طعمها طيب، وتقدم القهوة ساخنة والفنجان باليد اليمنى ولا يملأ بل يكون بربع أو ثلثه فقط ويطلق عليه «صبة الحشمة»، وعند الاكتفاء منها يتم هز الفنجان ليتوقف صبها له، وقد اعتمد في عام 2022م بأن يكون مسماها «القهوة السعودية» لأهميتها ووجودها في كل جمعة ولمة مع الأهل والأصدقاء، وهي عنوان الترحيب وكرم الضيافة، وهي عنوان للعلاقة والمحبة بينهم، لذا شرب الفنجان له دلالات وتصنيفات ومسميات لدى بعض الشعوب كالتالي:
- الفنجان الأول «للهيف» ويقوم المضيف أو المعزب بشربه ليتأكد من طعمها الطيب وسخونتها ويطمئن الضيف بأنها غير مسمومة، وأيضا ألا تكون «صائدة» أي تداخل طعم آخر معها سواء بهارات أو خلافه.
- الفنجان الثاني «للضيف» وهو يقدم للضيف وتبادل العيش والملح والترحيب والأخوة بينهم.
- الفنجان الثالث «للكيف» وهو دلالة على تلذذ الضيف بطعم القهوة وحسن مذاقها.
- الفنجان الرابع «للسيف»: وهذا الفنجان إذا شربه الضيف يدل على قوة الرابطة والاتحاد بينهما والمناصرة في السلم والحرب، وبأن مصيرهم واحد.
وهناك عادات مرتبطة بفنجان القهوة عند تقديمه للضيف لدى بعض الشعوب، فعندما يضعه على الأرض وهو مليء قبل شربه، رسالة للمضيف بأن له حاجة وطلب يريد أن يقضيه، ولا يشرب فنجانه إلا بعد تلبية طلبه وحاجته التي جاء من أجلها، ويكون الإذن بشربها وبأن طلبه ملبى، وعند عدم تلبيته يقول الضيف له «قهوتكم مشروبة» دون شربها، وتستخدم هذه في بلاد الشام عند طلب أهل العريس يد العروس من أهلها فيقوم كبير القوم الطالبين «الجاهة» بوضع فنجانه وطلب يد العروس، وعند الموافقة يبدأ بشرب فنجانه، كما أن العرب كانت تحمس أبناءها الشجعان عند بدء الحرب بتحفيزهم على قتل شخص معين فيقول شيخ القبيلة: من يشرب فنجان فلان؟، ليرد أشجعهم ويتكفل به في المعركة، فالقهوة تستخدم في السلم والحرب وفي إكرام الضيف أو عدم الترحيب به، فعند ملؤه بالكامل كما في بعض البلدان رسالة للضيف بأنه غير مرحب به، كما أن العرب في دول معينة كانوا يجتمعون ويتسامرون وكان مشروبهم «القهوة» ويبدؤون بالقصيد والربابة والحكايات والتسلية والاستمتاع والمنادمة، وشرب القهوة عادة لكثير من الأشخاص في يومهم لا يستغنون عنها، يقول نزار قباني «القهوة عجوز معمرة، لها أحفاد بررة، يقبلونها كل صباح ومساء، وأنا أكثرهم براً بها»، وهي دعوة للجميع للاستمتاع باللحظات الجميلة والتفاؤل في صحبة القهوة، يقول الشاعر الشعبي راكان بن حثلين:
ياما حلى الفنجال مع سجة البال
في مجلس ما فيه نفس ثقيلة
هذا ولد عم وهذا ولد خال
وهذا رفيق ما لقينى مثيله