بدر بن عبدالمحسن المقحم
يعتبر صدور الأمر الملكي الكريم رقم أ/ 371 وتاريخ 24-6-1443هـ بالاحتفال بيوم التأسيس الذي يصادف منتصف عام 1139هـ الموافق لشهر فبراير من عام 1727م، دلالة واضحة على اهتمام القيادة الرشيدة بتذكير الأجيال بخصوصية هذا اليوم الذي انبثق منه ميلاد مولد الدولة السعودية الأولى بقيادة الإمام محمد بن سعود -طيب الله ثراه- واتخاذه الإسلام منهجاً ودستوراً لهذه الدولة الفتية التي أحاطت بها التحديات من كل مكان، جاعلاً نصب عينيه أن الهدف الأسمى من قيام دولته تحكيم شرع الله بين الرعية، والعمل على التأسي بقواعد الإسلام والسير على درب هذا الدين بكل ما يحتويه من قيم وأخلاق وعدالة منذ أكثر من ثلاثمائة عام، تاركة وراءها أثراً لم تمحه الأيام والسنون، دولة قامت على شريعة السماء وجمعت أشتات القبائل المتناثرين في أصقاع أرض الجزيرة العربية، وفرضت نفسها على الساحة الدولية كدولة يحسب لها حساب وذات قوة ومنعة والتفاف داخلي حول قيادتها المتمركزة في عاصمتها منطقة الدرعية ونتيجة لظروف الأطماع الخارجية انتهت الدولة السعودية الأولى عام 1233هـ/ (1818م)، بعد أن أبلت بلاءً حسناً في بسط الأمن والسلام في ربوعها، وبعد مضي سبع سنوات تمت استعادة الدولة مجددًا، وفي ثاني مرحلة من عمر الملحمة السعودية لتستمر على نفس النهج السعودي الأول القائم على الكتاب وسنة نبي الأمة محمد عليه الصلاة والسلام وفي عام 1309هـ/ (1891م) انتهت الدولة السعودية الثانية، لتبدأ المرحلة الثالثة من عمر الدولة السعودية، وبعد انقطاع دام عشر سنوات، وذلك على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل - طيَّب الله ثراه- وذلك في عام 1319هـ/ (1902م) الذي استمر على نهج أسلافه، وبذل الغالي والنفيس من أجل إقامة الدولة السعودية الثالثة التي توالى عليها أبناؤه الميامين حتى يومنا الحاضر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين -حفظهما الله- أن مسيرة الملحمة السعودية بدولها الثلاث والاحتفال بيوم التأسيس، جاء ليؤكِّد عمق الدولة السعودية وتجذرها التاريخي، فهي لم تأت من فراغ، بل جاءت تحمل مشعل الرسالة السامية، وكامتداد للدول التي سبقتها في هذه البقعة من العالم، وفي نفس الوقت تقدم الدليل القاطع على شرعيتها وقبولها الشعبي في عمرها الممتد منذ ثلاثة قرون.
إن الأمر الملكي الكريم الآنف الذكر جاء ليرسخ أهمية هذا اليوم يوم الانطلاقة الكبرى وعرفاناً منه بالدور الذي قامت به الدولة السعودية الأولى.
إن الاحتفالية بهذا اليوم تعكس العديد من المعاني الجليلة، وهي على سبيل المثال لا الحصر أن الدول السعودية الثلاث، سعت وبكل ما أوتيت من قوة على ضرب أروع الأمثلة في التمسك بغايات نبيلة من بينها الثبات على النهج، والتمسك بشرف خدمة الحرمين الشريفين، والتفاف الشعب حول القيادة، والمصداقية في المواقف، والعزيمة على الإنجاز الداخلي، وترسيخ فضيلة الوسطية والاعتدال، ودعم وحدة الصف العربي والإسلامي، والعمل على نشر السلام والاستقرار في العالم، ومساعدة الإنسانية جمعاء.