لا يسعني في هذا اليوم الأغر الذي يقف شاهداً على حقبة جديدة من تاريخ المملكة العربية السعودية التليد إلا أن أعرب عن عميق سعادتي وامتناني لتواجدي في ربوع هذا البلد الرائع الذي أشارك أبناءه، بكل فخر واعتزاز، الاحتفال بذكرى يوم «التأسيس» الموافق لـ22 فبراير من كل سنة.
فالأمر الملكي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لتخليد هذه الذكرى العزيزة بما تحمله من معانٍ جوهرية خالدة، خطّتها أمجاد وبطولات الأوّلين، ما هي إلا تعبير عن اعتزاز القيادة الرشيدة للمملكة بالجذور الراسخة لهذه الدولة المباركة، وعن الارتباط الوثيق لأشقائنا السعوديين بقادتهم المؤسّسين، على امتداد مراحل بناء المملكة العربية السعودية، ومنذ تشكّل لبناتها الأولى على يد الإمام المؤسس محمد بن سعود (الدولة السعودية الأولى)، ثم (الدولة السعودية الثانية)، (فالدولة السعودية الثالثة) على يد الملك الموحد عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -تغمّده الله بواسع رحمته- الذي استثمر في نجاحات من سبقه من القادة والأمراء، وصولاً إلى الوقت الراهن الذي يسطّر للمملكة قصة إنجازات ونجاحات رائعة سترويها الأجيال عبر العصور المتعاقبة.
لقد استطاعت المملكة العربية السعودية بفضل الله، وحكمة قادتها، أن تشكل نموذجاً يُحتذى به بين الأمم ومضرباً للأمثال في التناغم والانسجام الوطني، وبناء الاستراتيجيات التنموية التي جعلت من أبنائها أمة رائدة في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والعلمية. هذه الإنجازات التي تؤكّد في كل مرة، ريادة المملكة إقليمياً ودولياً ونجاحها في تقديم نماذج مبهرة في التعاطي الحكيم مع العديد من المتغيرات والتحولات التي فرضتها سيرورة التاريخ ومتطلبات العولمة.
واليوم، فإنه ليس بالغريب أن نقرن «يوم التأسيس» بما تعيشه المملكة في حاضرها من تطوّر ملحوظ يلمسه كل من زار ربوع هذه الأرض الطيبة، في إطار «رؤية المملكة 2030» التي أعلن عنها ولي العهد، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بدعم ورعاية حضرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، فهي رؤية القادة لمستقبل هذا البلد الطموح، بما هي تكريس لمعادلة تجمع بين صناعة مجتمع حيوي يخلق الثروة، وترسيخ، في ذات الوقت، للانتماء الوطني والاعتزاز بالتراث السعودي، ومبادئ ديننا الإسلامي الحنيف.
وإن تونس التي تربطها بالمملكة العربية السعودية علاقات أخوية وتاريخية تمتد لأكثر من سبعين سنة، لا يمكن لها في هذه المناسبة السعيدة إلا أن تؤكد اعتزازها بهذا التاريخ المجيد للمملكة العربية السعودية الشقيقة الذي يشكّل بدوره جزءًا من تاريخ تونس وحاضرها ومستقبلها، فوحدة الدم والدين، والتاريخ والمصير المشترك، كلّها عوامل تجعل سيادة رئيس الجمهورية الأستاذ قيس سعيّد حريصاً كل الحرص على مزيد من الارتقاء بعلاقات التعاون بين البلدين، للوصول بها إلى مرتبة الشراكة الاستراتيجية، من خلال تفعيل آليات التعاون المختلفة، وبما يتيح تبادل المنافع والاستغلال الأمثل للإمكانات الكبيرة المتوافرة بالبلدين.
على صعيد آخر، تجدّد تونس شكرها لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لما يقدمونه للشعب التونسي من مساعدات ومستلزمات طبية ساهمت في دعم جهود تونس لتجاوز أزمة «كوفيد 19».
وإن القيادة التونسية على يقين بأن المملكة العربية السعودية ستواصل وقوفها إلى جانب بلادنا لمزيد الدفع بعجلة التنمية، وتعزيز حضور الاستثمارات السعودية للاستفادة من الوجهة التونسية، باعتبارها بوابة للسوق الأوروبية والأسواق الأفريقية.
وفي الختام، لا يفوتني أن أرفع أسمى عبارات التهاني والتبريكات للشعب السعودي الشقيق، راجياً من الله تعالى أن يعيد عليه هذه الذكرى الغالية بمزيد من التقدّم والرفاه في ظل قيادته الحكيمة.
** **
هشام الفوراتي - سفير الجمهورية التونسية لدى المملكة