ماجد البريكان
نحتفل في المملكة بأول يوم للتأسيس، ليكون المناسبة الوطنية الثانية للمملكة العربية السعودية، في هذا اليوم، يحق لنا جمعياً أن نفاخر الأمم والأوطان، بأن لنا تاريخاً وطنياً، تمتد جذوره إلى ثلاثة قرون، هذا التاريخ له أحداثه وقصصه وبطولات وإنجازاته التي تستحق أن نحتفل بها، ونتذكر تفاصيلها، ونستلهم منها سيرة الآباء والأجداد.
وسيظل يوم التأسيس مرتبطاً بعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، اللذين استشعرا أهمية أن تتعرف الأجيال المقبلة على تاريخ بلادهم كاملاً غير منقوص، وتعرف أن لهذا الوطن أبطاله ورموزه الذين سطروا تاريخ الجزيرة العربية بأحرف من ذهب، ومن هنا، أرادا استحضار صفحات التاريخ، وإعادة صياغتها كما يحلو لهم، متسلحين بالإيمان بالله ورسوله، ومؤمنين بأن الله سخرهم، ليكونوا سبباً مباشراً في تأليف قلوب القبائل على بعضهم بعضًا، وتوحيدهم على قلب رجل واحد.
ونحن نحتفل بيوم التأسيس، نؤكد أن هذا اليوم سيبقى ذكرى عظيمة، خالدة في القلوب قبل العقول، ومناسبة سعيدة، أهداها ولاة الأمر إلى الشعب السعودي، الذي يستطيع اليوم الاطلاع على كامل تاريخ بلاده، بدءاً من الدولة السعودية الأولى، التي أسسها الإمام محمد بن سعود عام 1727، لتكون النواة الحقيقية التي تأسست عليها الدولة السعودية الثانية بعد سبع سنوات، وصولاً إلى الدولة الثالثة الحالية؛ المملكة العربية السعودية، التي أبصرت النور بعد عشر سنوات من الدولة الثانية، وهو ما يؤكد حقيقة مهمة، بأن لهذه البلاد سجل حافل من الإنجازات التاريخية.
أقول ويتفق معي الجميع، على أن تجربة الأئمة والملوك في تأسيس وتوحيد شمل هذا الوطن، ستبقى فريدة من نوعها، لم تشهدها الجزيرة العربية في تاريخها له مثيلاً، ليس لسبب سوى أنها تعبر عن طبيعة قادة هذه البلاد، وحرصهم الفطري على نبذ الفرقة وإزالة الضعف ومحو الشتات عن قبائل الجزيرة العربية، يدفعهم إلى ذلك، رغبتهم في نشر الشريعة الإسلامية في ربوع البلاد، بعيداً عن أي أطماع في جاه أو سلطة، يدركون أنها زائلة وإن طال بها الزمن، ومن هنا نالت تجربة الوحدة قبول ورضا القبائل المتنافرة وتأييدها.
وهاهم أبناء الوطن في احتفالهم بيوم التأسيس يقدمون نموذجياً ومبهجاً، يستلهمون فيه دروس وعبر الأيام الخالدة في تاريخ المملكة، وكيف استثمر ملوك وأئمة الوطن ذكاءهم، واستنهضوا عزيمتهم للوصول إلى كل ما يسعون إليه، وكيف رفضوا اليأس أو الاستسلام للأمر الواقع، وأقاموا العدل وعززوا المساواة في دولتين سابقتين، وصولاً إلى الدولة الثالثة، التي استكملت الجهود، وأقامت البناء، في دولة متطورة وقوية ومزدهرة، بشهادة دول العالم.