عبده الأسمري
قرأت قبل أيام حواراً بإحدى المجلات لمذيعة عالمية شهيرة كانت تعمل في قناة غربية.. أعلنت إسلامها بعد رحلة من التأمل والتدبر والتفكير والتطبيق والتجربة، حيث أكدت أنها اضطرت إلى استخدام جرعات دواء مضاد للاكتئاب وسردت قصتها ومعاناتها في «فراغ» موحش كان يملأ قلبها بعد خروجها من بلاتوهات التصوير وآلامها النفسية مع التوتر والقلق وكيف أن الإسلام جاء ليرتب تلك «الفوضى» العارمة في داخلها بعد رحلتها لأداء فريضة الحج وقراءتها للقرآن وكيف أنها انتقلت من أعماق مظلمة إلى آفاق مستنيرة بفضل تلك الهداية التي جعلتها مقيمة في مساحات آمنة من الأمن النفسي والأمان الذاتي..
هذه القصة وغيرها تؤكد أن الراحة الحقيقية في ديننا الإسلامي القويم الذي جاء ليرتبنا في مواجهة تلك العشوائية التي تحتل أعماقنا.. هذا الدين الذي يأمر بالمساواة والعدل ويحفظ للإنسان كرامته ويكفل للبشر حقوقهم ويمنع الظلم ويردع الطغيان..
هذه قصة من مئات القصص التي كان أبطالها «علماء» و»قساوسة» و»رهباناً» و»ملحدين» و»فنانين» تبرهن أن قضية الدخول إلى الإسلام ترتبط ارتباطاً كلياً بمدى منافع هذا الدين في علاج مشكلات «الأنفس» وفي تهذيب صفات «الإنسان» في ظل وجود شريعة سمحة تسير بالبشر إلى «الأمان» وتملأ الأرواح بالسكينة وتمنح الشخصية الثبات وتوئد الأمراض النفسية وتمنع «الجريمة» وتنظم «الحياة» وفق منهجية تكفل للجميع الحقوق وتلزم الكل بالواجبات..
تعلّم «الخارجون» من سراديب «الضياع» والناجون من «محاريب» الضلال أن الفكر «المضلل» المعارض لفطرة الإنسان والمخالف لطبيعة الآدمية يسير بهم إلى «الهاوية» ويمضي بهم نحو «الغواية».. لذا فإن الإسلام يسهم في توجيه «بوصلة» العيش إلى «الأمان» وتحديد «قبلة» الحياة شطر «الاطمئنان»..
وقفت على علاج عشرات من الحالات النفسية المعقدة التي وردتني من بلدان عدة واكتشفت من التشخيص والمعالجة أن «الخلل» يكمن في فوضى فكرية وعشوائية نفسية تجعل الإنسان في حالة من «التوهان» ومرحلة من «الضياع» تجعله يسير بلا هدف ويعيش دون غاية تتلاطمه أمواج «الاعتلال» وتتناقله موجات «الاختلال» لذا فإن العلاج الأول يكمن في «ترتيب» النفس من الداخل وتوفير خط دفاع مناعي للوصول إلى «الثبات» الأولي الذي يرسم للشخص حالة «الفهم» المثلى التي تعيد إليه توازنه الغائب واتزانه المغيب..
في ديننا الإسلامي «هدايا» عظيمة متاحة للجميع لا يوجد فيها «انحياز» لشخص دون غيره أو «تحيز» لفئة دون أخرى وإنما الجميع سواسية في الحقوق والواجبات وصولاً إلى شيوع «السلام» ونثر «الوئام» وإشاعة «التواد» الذي يجعل الجميع تحت «مظلة» العدل وفي «ظلال» الإحسان..
في «المجتمعات» الغربية تكثر حالات «الجريمة» ويعلو صوت «الغوغائية» وسط «قوانين» وضعية تعطي «الحق» للقوي وتعزل «الضعيف» ليكون في «منأى» عن المساواة لذا انتشرت بينهم «العنصرية» المقيتة وتعمّقت وسطهم «الأنانية» المفرطة لأنهم بعيدون عن «الوسطية» يعيشون في «ظلام» الجهل ويقيمون بين ظلال «الغي».
أتعجب من مناداتهم بحقوق الإنسان وهم من ينتهكونها ويلغونها بواقع «الظلم» ويهدمونها بمعول «الاحتيال» وما يزيد تعجبي حديثهم عن حق «المرأة» وهم من اتخذوها «سلعة» مباعة في النوادي والطرقات فظلت تعيش كمتسوِّلة أو فتاة ليل أو لاجئة أو مغنية أو متشردة!
أعز ديننا الإسلامي البشر بكل مستوياتهم وشرائحهم وأطيافهم بالعدالة في كل شؤون الحياة مما يجعل من الإنسان نموذجاً نافعاً وشخصاً مفيداً يرسم في دروب الحياة كل معاني «المنافع» ويؤسس في محطات العمر جميع أبعاد «الفوائد».
يعاني الإنسان في مراحل من عمره ووسط مواقف من حياته وتجارب في معيشته «فوضى» فكرية تتسبب في إصابته بالقلق والاكتئاب والتوتر ووقوعه «صيداً» سهلاً لكل مكائد «الضلال» وشتى مصائد «الاعتلال» لذا فإن الإسلام دين «استقامة» و»استدامة» يضمن للإنسان العيش بارتياح ويكفل له كل وسائل «الدفاع» للذود عن أي عشوائية أو تضليل أو موجات تحتل «أمانه» النفسي أو تستعمر «أمنه» الاجتماعي..