زهير بن سليمان الحربش
تماشياً مع توجه المملكة العربية السعودية بشأن تطوير المنظومة العدلية واستكمالاً لمسيرة تطوير مرفق القضاء في المملكة وتوافقاً مع رؤية 2030 فقد صدر مؤخراً نظام المدفوعات وخدماتها بالقرار الوزاري رقم (171) وتاريخ 20/03/1443هـ والمرسوم الملكي رقم م/26 وتاريخ 22/03/1443هـ ، على أن تتولى لجنة المنازعات المصرفية وفقاً لقواعد عملها، ومن خلال دائرة خاصة أو أكثر تشكل لهذا الغرض صلاحية الجهة القضائية المختصة كما ورد في (المادة الرابعة عشرة) والتي تنص على (مع مراعاة ما نصت عليه المادة (الثالثة عشرة) تتولى الجهة القضائية المختصة الفصل في المنازعات الناشئة بين أطراف نظم المدفوعات ومقدمي خدماتها ، والفصل في تظلمات ذوي المصلحة من قرارات البنك المركزي ذات الصلة).
ونظام المدفوعات يتمثل في الأدوات والإجراءات الخاصة بمعالجة أوامر المدفوعات وعمليات المقاصة المرتبطة بها داخل المملكة أو خارجها. وخدمات المدفوعات هي خدمات تنفيذ عمليات دفع الأموال أو تحويلها أو معالجتها وإدارة عمليات التحويلات ومدفوعات النقد الإلكتروني عبر منصات ومحافظ المدفوعات المتخذة هيئة حسابات أو سجلات إلكترونية وما تحدده اللوائح من خدمات أخرى. ويساهم نظام المدفوعات في زيادة فاعلية المعاملات المالية وتقليل التكاليف التشغيلية وتسهيل وتسريع مختلف المدفوعات ويساعد على إدارة وصيانة حلول الدفع ويقدم وسيلة دفع آمنة وموثوقة وتوفير المعايير المطلوبة لضمان أن يكون لجميع مقدمي الخدمات مستوى متكافئ. وتساهم أنظمة المدفوعات في خفض تكاليف المعاملات المالية وزيادة فاعلية المعاملات المالية وتطوير منظومة عصرية تواكب أحدث التطورات في مجال القطاع المالي تماشياً مع رؤية 2030.
ويحمل النظام في طياته إضافة فقرة فرعية الى الفقرة (1) من المادة (الثانية) من اللائحة التنفيذية لنظام الإفلاس - الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم (622) وتاريخ 24/12/1439هـ بالنص الآتي (ج) نظم المدفوعات ومشغِّلُوها ومقدِّمو خدماتها).
اشتملت المادة (الأولى) من النظام على تفسير للمصطلحات المنصوص عليها في النظام.
وتتمثل أهداف النظام في تعزيز سلامة وكفاية البُنية التحتية لنظام المدفوعات وخدماتها في المملكة وتعزيز حماية حقوق الأطراف المتعاملة مع نظم المدفوعات وخدماتها وتحفيز الابتكار والمنافسة في مجال تشغيل نظم المدفوعات وتقديم خدماتها في المملكة.
وحصر النظام الجهات التي يسري عليها وهي: نظم المدفوعات ومشغليها وخدمات المدفوعات ومقدميها.
واشترط النظام الحصول على الترخيص من البنك المركزي السعودي لممارسة تشغيل نظم المدفوعات وكذلك تقديم خدمات المدفوعات في داخل المملكة، ويحدّد البنك المركزي السعودي الحالات والمعايير التي يُعد بناءً عليها الشخص المقيم خارج المملكة في حكم المشغل لنظم المدفوعات أو المقدم لخدمات المدفوعات داخل المملكة لغرض تطبيق أحكام النظام.
ونص النظام على أن أوامر المدفوعات النهائية وعمليات التسوية وترتيبات المقاصة وترتيبات إدارة التعثُّر والضمان ملزمة، ونافذة، وغير قابلة للتعديل أو الإلغاء أو الابطال.
منح النظام البنك المركزي السعودي أحقية التنظيم والإشراف والرقابة على نظم المدفوعات ومشغليها وخدمات المدفوعات ومقدميها، وفقاً لأحكام النظام وما تحدده اللوائح وخاصةً التالي:
تحديد شروط وضوابط إصدار الترخيص والشكل النظامي لمشغلي نظم المدفوعات ومقدمي خدمات المدفوعات.
تحديد متطلبات رأس المال وإصدار التراخيص وتجديدها وإلغاؤها، والموافقة على ما يقدمه مشغلو نظم المدفوعات ومقدمو خدمات المدفوعات من خدمات ومنتجات وتنظيمها، وتحديد ضوابط إسناد المهمات والاستعانة بالغير لتشغيل نظم المدفوعات أو تقديم خدمات مدفوعات. ووضع تصانيف وضوابط خاصة لنظم المدفوعات بحسب درجة أهميتها، وللبنك المركزي تصنيف أي من نظم المدفوعات بأنه (نظام مدفوعات مهم)، وكذلك وضع الأُطُر والضوابط المتصلة بترابط نظم المدفوعات المختلفة داخل المملكة وخارجها، ووضع الإجراءات والتدابير اللازمة لحماية أموال وبيانات العملاء والمستهلكين والأعضاء المتصلة بنظم المدفوعات وخدمات المدفوعات، واتخاذ ما يلزم لحماية حقوقهم ذات الصلة، وكذلك وضع الخطط والتدابير الواجب على الأشخاص الخاضعين للنظام اتخاذها لاستعادة وتحسين مراكزهم المالية، وذلك في حال اضطراب مراكزهم المالية اضطراباً جسيماً، أو لتمكينهم من إنهاء أنشطتهم في الوقت المناسب وفق آلية منظمة بما في ذلك التصفية مع مراعاة الأنظمة ذات العلاقة. ومنح النظام البنك المركزي الحق في تحديد المقابل المالي لإصدار التراخيص وتجديدها، ووضع ضوابط الحوكمة والرقابة الداخلية لمشغلي نظم المدفوعات ومقدمي خدمات المدفوعات، ووضع القواعد التي يجب مراعاتها عند إصدارهم لتنظيمات عملياتهم وعضوياتهم، ووضع معايير الكفاية والصلاحية للعاملين لدى مشغلي نظم المدفوعات ومقدمي خدمات المدفوعات بمن في ذلك شاغلوا الوظائف القيادية فيها.
لقد ألزم النظام مشغّلي نظام المدفوعات ومقدّمي خدمات المدفوعات بإتاحة الاستفادة من النظم والخدمات على أسس تجارية مناسبة وعادلة، وفصل الأموال العابرة من خلالهم لمصلحة الأعضاء والعملاء والمستهلكين عن أموالهم والمحافظة على سرية معلومات وبيانات الأعضاء والعملاء المستهلكين.
ألزم النظام مشغل نظام المدفوعات الذي يُصنَّف بأنه نظام مدفوعات مهم، من تاريخ إشعاره بذلك، بالعمل وفق قواعد خاصة بـ(نظام المدفوعات المهم) يضعها لهذا الغرض، بحسب ما تحدده اللوائح.
حدد النظام ما يجب أن تشتمل عليه القواعد الخاصة بنظام المدفوعات المهمة وهي تتمثل في الوقت الذي يصبح فيه أمر المدفوعات الذي أنشأه عضو معين نهائياً، والوقت الذي يخضع فيه لنهائية التسوية، بما في ذلك الحالات التي يكون فيها تنفيذ أمر المدفوعات من خلال عدة نُظم، كما تشتمل على القواعد التي تحدد الإجراءات اللازمة لضمان حماية ترتيبات المقاصة وسريانها وإلزاميتها في الحالات التي يتعثر فيها مشغل نظام المدفوعات المهم أو أحد الأعضاء فيه، وكذلك القواعد الخاصة بالتنفيذ على الضمانات من قبل مشغل نظام المدفوعات المهم أو العضو. والقواعد التي تسمح لنظام المدفوعات المهم بإدارة تعثر الأعضاء، وأن تشمل على سبيل المثال لا الحصر الحالات التي يعد فيها العضو متعثراً سواء مالياً أو تشغيلياً والإجراءات التي يمكن لمشغل نظام المدفوعات المهم اتخاذها عند تعثر أحد الأعضاء.
واشترط النظام على أن يلتزم أي عضو بالإفصاح للبنك المركزي ولمشغل نظام المدفوعات عن أي نظم مدفوعات مهمة يكون عضواً فيها، وذلك عند قيد أو افتتاح أي من إجراءات الإفلاس أو الإيداع القضائي له، بناءً على نظام الإفلاس. ونص النظام على إلزامية إشعار مشغل نظام المدفوعات المهم بقيد أو افتتاح أي من إجراءات الإفلاس أو الإيداع القضائي بناءً على نظام الإفلاس لأي عضو آخر في النظام نفسه عند علمه بذلك، وفقاً للضوابط التي تحددها اللوائح.
وحدد النظام العقوبات على من يخالف أياً من أحكام النظام أو اللوائح بعقوبة أو أكثر من العقوبات والتي تتمثل في الإنذار، تعليق الترخيص، الغرامة التي لا تتجاوز خمسة وعشرين مليون ريال وإلغاء الترخيص.
ولقد أجاز النظام أن يكون لأي ذي مصلحة التظلم من قرارات البنك المركزي ذات الصلة خلال (ستين) يوماً من تاريخ التبليغ بالقرار.
وأجاز النظام أن يتضمن القرار القضائي الصادر من الجهة القضائية المختصة أو القرار الصادر من البنك المركزي بالعقوبة بحسب الأحوال، النص على نشر منطوقه على نفقة المخالف في صحيفة محلية تصدُر في مقر إقامته أو مقر ممارسته للنشاط، أو نشره في أي وسيلة أخرى مناسبة، وذلك بحسب نوع المخالفة المرتكبة وجسامتها وتأثيرها، على أن يكون النشر بعد اكتساب القرار الصادر من الجهة القضائية المختصة الصفة القطعية أو تحصن القرار الصادر من البنك المركزي بفوات ميعاد التظلم عليه أو بتأييد الجهة القضائية المختصة له.
وورد في النظام أن تطبيق العقوبة على الشخص ذي الصفة الاعتبارية لا يعفي الشخص ذا الصفة الطبيعية سواء كان عضو مجلس إدارة أو مدير أو أي مسؤول لدى ذلك الشخص ذي الصفة الاعتبارية من المسؤولية والعقوبة المستحقة، إذا ثبت أن المخالفة أو الجريمة تمت بموافقته أو بإهمال منه أو تغاضٍ.
وتضمن النظام التسوية الودية، حيث إنه قد نص على أن تخضع المنازعات الناشئة بين أطراف نظم المدفوعات ومقدمي خدمات المدفوعات قبل رفعها أمام الجهة القضائية المختصة، لإجراءات التسوية الودية التي تحددها اللوائح، على ألا تتجاوز مدة إجراءات التسوية (30) يوماً من تاريخ تسجيلها، ما لم يتفق أطراف النزاع كتابةً على تمديد المدة.
ونص النظام على أن تتولى الجهة القضائية المختصة الفصل في المنازعات الناشئة بين أطراف نظم المدفوعات ومقدمي خدماتها، والفصل في تظلمات ذوي المصلحة من قرارات البنك المركزي ذات الصلة.
وأضاف النظام بنداً يتعلق بأعمال التفتيش على أن يتولى مفتشون يصدر بتعيينهم قرار من محافظ البنك المركزي أعمال الرقابة والتفتيش وضبط مخالفات النظام واللوائح ولهم الاطلاع على السجلات وتلقي الشكاوى واستجواب العاملين لدى الأشخاص الخاضعين للنظام والحصول على المعلومات التي يطلبونها، ولهم في ذلك صفة الضبط.
وحظر النظام أن يمنع المفتشون من أداء مهماتهم المنصوص عليها في النظام، وعلى الأشخاص الخاضعين للتفتيش التعاون معهم وتقديم التسهيلات لهم.
ومنح النظام البنك المركزي الحق في الكشف عن أي معلومة تتعلق بأي شخص خاضع للنظام إلى أي طرف ثالث، إذا كان الكشف عنها ضرورياً لتنفيذ النظام.
ولأجل تحفيز الابتكار، نص النظام على أنه يجوز للبنك المركزي وفقاً لما تحدده اللوائح استثناء شخص أو مجموعة من الأشخاص من بعض الاشتراطات الخاصة بالتراخيص، من أجل تحفيز الابتكار والتطوير في تقديم خدمات المدفوعات وتشغيل نظم المدفوعات في المملكة، مراعياً في ذلك الشفافية والعدالة، وعدم التأثير سلباً على الهدف العام من النظام.
** **
- مستشار قانوني ومحكم