تعد الذكريات صورة قديمة تعود مهما حاولنا إخفاءها وهي ما يُشكّل حاضرنا ومُستقبلنا، وهي إمّا تقوّي الإنسان وتدفعه نحو الأمام وإما تُحبطه وتجعله عالقاً في الماضي، فتختلف ردود أفعالنا وتصرّفاتنا بحسب الذكريات، فمنّا من يلغي الذكريات ومنّا من يحتفظ بها في قلبه.
والذكريات الجميلة نجم في سماء الماضي يضيء لنا، ودرة فخر تتلألأ ونزين بها كلامنا، وناي نشدو به، وسفينة أحلام نركبها ونبحر بها عبر الأيام الحاضرة بأمل استعادتها في القادم من أيامنا، فالذكريات دائماً تكون الشيء الوحيد الذي يرجعنا للماضي سواء كان أليماً أو جميلاً، فهو يكون ذكرى جميلة محفورة في قلوبنا وأفكارنا.
مهما حاول الإنسان نسيان ذكرياته، لا يستطيع ذلك، لأنّ الذكرى تبقى خالدة فينا، نرحل معها إلى ذلك الوقت الجميل وحتى ولو كان حزيناً إلّا أنّه له مذاق خاص، فيبقى الإنسان أسيراً لتلك الذكريات، الذكريات العاطفية غالبًا ما تضم أحباءنا، وهو ما يمكن أن يذكرنا بشبكة اجتماعية تمتد لتشمل الكثير من الناس عبر العديد من الفترات الزمنية.
الذكريات المؤلمة تجعل النفوس تفيض بالهموم، حيث إنه مهما حاول الشخص أن ينسى تبقى هذه الذكريات محفورة داخل عقله وقلبه، كما أنه عند تذكره بها تذهب به إلى عالم آخر، لما لها من تأثير في قلبه متعلق بالأيام الماضية، نظراً إلى أنها لا تزال تعيش وتنبض بداخل الأشخاص.
مهما حاول الإنسان أن ينسى، إلا أن ذكريات تأبى ذلك وتظل محفورة بداخله، تذهب به لعالم جميل يتذكر فيه أروع الأوقات، حتى ولو كانت ذكريات مؤلمة يظل لها رونق خاص بالقلب، فقد تجمعنا الدنيا بأناس أو قد نمر بأماكن لم نعتبرها ببداية الأمر مهمة، إلا أنه عند الابتعاد عنها نشعر بقيمتها الحقيقية، وبمدى تأثيرها، فنعيش بذكريات، وأمل أن ترجع لنا مرة أخرى، فهناك ذكريات حفرت بداخل أعماقنا وصور حفظت بعيوننا، حنين رائع حبسناه داخلنا، وأشواق باتت واضحة بكلماتنا.
الذكريات تثير فينا الشجن، وصفحات مؤلمة من الأوجاع تعيد لنا الحزن، تعود بنا إلى ألم الماضي الذي نرفض نسيانه، إنها مأساة لا تمحى من ذاكرتنا، وصفحاتها لا تنطوي لأنها كتبت بدماء قلوب، وستكون الذكريات خالدة في القلب.