هَنيئاً لَهُ قَد طابَ حَيّاً وَمَيِّتاً
فَما كانَ مُحتاجاً لِتَطيِيبِ أَكفانِ
الذي انتقل إلى دار النعيم المقيم -رحمه الله- يوم الأحد 19/7/1443هـ، وأديت الصلاة عليه يوم الاثنين 20/7/1443هـ، بعد صلاة العصر في جامع البابطين بالرياض ثم وُورِيَ جثمانه الطاهر في مقبرة شمال الرياض في جو حزن وأسى داعين المولى له بطيب الإقامة في جدثه إلى نهوض جميع الخلائق ليوم الحساب، والعبور على متن الصراط المستقيم إلى جنة الخلد بمشيئة الله وفضله.
وقد ولد فضيلة الشيخ في بلدته «البرة» الواقعة شمال غربي الرياض عام 1354هـ، وقد ألحقه والده بالكتّاب لتعليم مبادئ القراءة والكتابة وحفظ ما تيسر من القرآن الكريم على يد الشيخين الكريمين محمد بن عبدالله الماجد، وسعد بن عبدالعزيز العيد -رحمهم الله- وكان ملازماً لوالده الشيخ عبدالله بن سليمان المهنا حيث كان والده معروفاً بالعلم والاستقامة وتبصير العامة والخاصة بأمور دينهم، مما كان له بالغ الأثر على الشيخ سليمان في حياته ومسيرته العلمية، وبعد ذلك انتقل إلى الرياض لطلب العلم حيث التحق بمجالس الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية وشقيقه الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم في حي دخنه، وبعد ذلك التحق بالدراسة النظامية في معهد إمام الدعوة العلمي ومكملاً دراسته الجامعية في كلية الشريعة إلى أن تخرج منها عام 1388هـ، وكان من ضمن العشرة الأوائل.
وخلال فترة دراسته بالكلية كان على صلة بمجالس الشيخ محمد بن إبراهيم، حيث أوفده ليصبح قاضياً مع جباة الزكاة في البوادي لما لمس منه من فقه وجد في طلب العلم ولم يؤثر ذلك على تحصيله الدراسي بل زاده خبرة ومعرفة بأحوال الناس، وبعد تخرجه عُين ملازماً في مكتب الشيخ القاضي محمد بن سليمان البدر -رحمهم الله- وظل قريبا من الشيخ في المحكمة الكبرى بالرياض لمدة ثلاث سنوات يكتسب فيها الخبرة الكافية التي أهلته ليكون قاضيا فيما بعد:
عَلَيْكَ بِأَرْبَابِ الصُّدُورِ فَمَنْ غَدَا
مُضَافًا لِأَرْبَابِ الصُّدُورِ تَصَدَّرَا
وكان -رحمه الله- يذكر الشيخ محمد بن سليمان البدر بالخير ويثني عليه، ومن وفائه له أنه كتب فيه رثاءً نشر في إحدى الصحف عام 1438هـ، معترفاً بفضله ومثنياً على كريم خصاله.
وفي عام 1391هـ، تم تعيينه قاضياً في بلدة (العيون) بالأحساء، وهناك كان القاضي والمدرس للعلوم الشرعية في مسجدها وخطيبا لجامعها والمرجع لأهلها في القضاء والإفتاء.
وفي عام 1399هـ تم نقله إلى المحكمة الكبرى بالرياض وتدرج في العمل القضائي فيها حتى أصبح رئيساً للمحكمة الكبرى بالرياض عام 1407هـ، ووصل إلى مرتبة رئيس محكمة استئناف وعضوا في المجلس الأعلى للقضاء إضافةً لرئاسته للمحكمة الكبرى إلى أن تقاعد عام 1433هـ، حميدة أيامه ولياليه. وقد خلف أبناء بررة متميزين بالعلم والمعرفة، وبنات فاضلات تسنموا مناصب عالية في كثير من المواقع المشرفة.
ولنا معه بعض الذكريات الجميلة التي لا تغيب عن خاطري مدى الأيام حيث سعدنا بدخوله منزلنا منذ فترة من الزمن مترحماً على والدنا الشيخ العالم الجليل وتبادل الأحاديث الودية معه ومع أبنائه الكرام، وذلك أثناء تشريفة لدى الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد اليحيى في مزرعته الواقعة في حي الخزيمي شرقي محافظة حريملاء، تغمد الله فضيلة الشيخ الفقيد سليمان بن عبدالله المهنا بواسع رحمته، وألهم أخاه الشيخ محمد وأبناءه المشايخ الفضلاء وبناته الكريمات وعقيلتيه، وكافة أسرة المهنا الصبر والسلوان.
جَمالَ ذي الأرض كانوا في الحياة وهُم
بعدَ المماتِ جَمالُ الكُتْبِ والسِّيَرِ
** **
عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف - حريملاء